انقلب المشهد اللبناني من الإنتظار والترقب لما يحصل في الجبهة الجنوبية, ليطال القضاء اللبناني بعد توقيف حاكم مصرف لبنان سابقًا رياض سلامة, في الوقت ذاته تنشغل الأوساط السياسية بملف رئاسة الجمهورية وما سيصل إليه الحراك العربي والدولي, إضافةً إلى مناقشة الموازنة والضرائب واضراب النقابات.
أفادت مصادر سياسية عن تواصل قريب بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر النائب غسان عطالله, وبات من المؤكد أن تتوّج الإتصالات بزيارة باسيل لبري.
فيما تترقب عين التينة نتائج الاجتماع المرتقب في الساعات المقبلة بين المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا في الرياض في حضور السفير السعودي وليد البخاري, للبحث في الملف الرئاسي اللبناني.
وأكدت مصادر معلومات رغبة الرئيس بري الشديدة بإنجاز الإنتخابات الرئاسية خلال أيلول, لكنها أشارت إلى أن رئيس المجلس لم يكتفِ بتوفير الأغلبية النيابية عبر نصاب الثلثين ولو كان مؤمّناً بعد موقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المؤيد لمبادرة بري الحوارية, وهو مازال يفضّل الإجماع أو شبه الإجماع بخاصة المسيحي, وقد عبّر عن ذلك أكثر من مرة, لكنه كان يصطدم دومًا برفض القوات اللبنانية لكل مبادراته.
وكشفت المصادر أن المسعى الاميركي – السعودي- الفرنسي قد يُركّز في المرحلة المقبلة على محاولة إقناع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالموافقة على مبادرة بري وجوهرها التوافق لا الصدام, وعدم التوقف عند الشكليات بما يوفّر غالبية نيابية موصوفة كاملة الميثاقية السياسية والطائفية.
إلى ذلك, نقل الوزير السابق وديع الخازن عن الرئيس بري قوله: ان الإستحقاق الرئاسي هو همّه اليومي خصوصاً أنه يدخل في صلب واجبات مجلس النواب.
وشدّد الرئيس بري على ضرورة التضامن الوطني, واضعاً ثقله وتأثيره وكل ما يمكن أن يقدمه من تنازلات من أجل إنقاذ لبنان من حبائل المؤامرة الرهيبة التي تستهدفنا جميعًا في وحدتنا وكياننا, ومعاودًا طرح فكرة التشاور والحوار في المجلس النيابي التي لاقاه فيها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والأكثرية النيابية للتفاهم على رئيس للجمهورية يجمع ولا يُفرّق.
في سياق متصل, جدّد مجلس المطارنة الموارنة في بيان أصدره بعد اجتماعه أمس, في المقر البطريركي الصيفي في الديمان, برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي دعوة المجلس النيابي إلى المسارعة إلى انتخاب رئيس جديد للدولة بعيدًًا عن السجالات السياسية والاجتهادات المستغربة, التي لا جدوى منها إلّا مزيد من تقهقر الأوضاع العامة وسط غياب الحُكم المطلوب لإدارة البلاد.
وفي جديد قضية توقيف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة, ادّعى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم, على سلامة بجرائم الإختلاس وسرقة أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع.
وأفيد بأنّ القاضي حلاوي سيبدأ اعتباراً من اليوم الخميس, الإطّلاع على الملف على أن يُحدّد موعدًا لاستجواب سلامة غداً الجمعة أو الإثنين.
في هذا الوقت, نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرَين قضائيَّين أنّ سلامة سيظل رهن الإحتجاز حتى موعد جلسة استماع من المرجّح أن تنعقد الأسبوع المقبل.
وأشار المصدران إلى أنّه بعد استجواب سلامة يمكن للقاضي الذي يرأس الجلسة أن يقرّر ما إذا كان سيُبقيه قيد الاحتجاز أم لا, وحتى الآن لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن هذا الأمر.
وأكّدت مصادر مالية مسؤولة أن لا تأثير لتوقيف سلامة على الوضعين الاقتصادي والنقدي, فهو خارج الموقع والليرة التي كانت تهتز خوفًا من غياب دوره في مصرف لبنان صارت خارج الخدمة نسبياً, ووقع المحظور الذي كان يخافه الجميع, فيما السياسات التي يمارسها المركزي حالياً تجاه ضبط سعر الصرف, وشفط السيولة والتضخم, كافية مبدئياً لتحصين الاستقرار مرحليا, وتمرير الأزمات.
فيما دعت قطاعات القطاع العام, من الموظفين والمتقاعدين مدنيين وعسكريين الى التجمع امام السراي الحكومي, الثلاثاء المقبل, عند انعقاد اول جلسة للحكومة للبدء بمناقشة موازنة العام 2025, نظرًا لحجم الضرائب فيها, فضلاً عن غياب الخطط الإصلاحية وتجاهل كامل حقوق القطاعات المذكورة.
وينضم المودعون تحركاً احتجاجياً قبالة قصر العدل اليوم, للضغط باتجاه حلول للودائع بالمصارف بعد توقيف سلامة.
هذا واهتز الوسط التربوي أمس عُقب إعلان وزير التربية عباس الحلبي الإعتكاف أو الإستقالة, فالحلبي يتهم الجميع, من رئيس الحكومة الى الوزراء الى الجهات المانحة في عدم مساعدته والتخلي عنه على أبواب العام الدراسي وتركه محاصرا بكم هائل من المشاكل والازمات مع تهديد المعلمين بالاضراب المفتوح في حال عدم رفع بدل الإنتاجية الى ٦٠٠ دولار, كما هدد المتعاقدون بالاضراب ايضا اذا لم يتم رفع بدل الساعة, وهذا ما سيؤخر بدء التسجيل للعام الدراسي الجديد في ١٦ ايلول وكذلك بدء التدريس في أول تشرين الاول, علما ان وزارة التربية شهدت مشاكل عديدة تتعلق باوضاع الموظفين والرشاوى في المعادلات مما اثار الانتقادات الجنبلاطية على أداء وزير التربية.
لكن مدير عام وزارة التربية عماد الأشقر أيّد موقف الوزير بالاعتكاف إذا كان ذلك صحيحا, كاشفًا أن الجهات المانحة لم تدفع لنا ٤ ملايين دولار عن العام الماضي والقطاع التربوي سيموت إذا لم يمول.
وفي المعلومات, إن الخلافات بين الدول المانحة ووزارة التربية عميقة جدًا, والوزارة لم تقدم حتى الآن الجداول المالية عن عمليات الصرف خلال الأعوام الماضية رغم مطالبات الجهات المانحة بذلك ورفع الامر إلى رئيس الحكومة.
وأيضا, جدّد لبنان موقفه الرافض للحرب والمتمسك بتطبيق القرار 1701, بحسب ما أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب فادي علامة بعد انتهاء جلسة للجنة, عُقدت بحضور وزير الخارجية عبد الله بوحبيب, الذي قال إن المبعوث الأميركي آموس هوكستاين مستعد للمجيء إلى لبنان بعد وقف إطلاق النار لإنهاء موضوع الحدود.