يصر نتنياهو على البقاء في الحدود بين مصر وقطاع غزة
يصر نتنياهو على البقاء في الحدود بين مصر وقطاع غزة
ينتظر إسرائيل مزيدا من الانقسام والتأزم الداخلي, مع إصرار رئيس وزرائها, بنيامين نتنياهو, على بقاء قوات الجيش في محور "فيلادلفيا" على الحدود بين مصر وقطاع غزة, وهو ما يعني "تعمّده المغامرة بالسلام" في الداخل ومع الجيران, وفق آراء دبلوماسيين وسياسيين من مصر وإسرائيل.
ويعرض هؤلاء الخبراء في تعليقاتهم, لموقع "سكاي نيوز عربية", آراءهم بشأن كيف "يعرقل" نتنياهو المفاوضات عبر كارت هذا المحور وغيره, والمتوقع بشأن الاستقرار داخل إسرائيل ومصير الرهائن لدى حركة حماس, وكيف تستفيد الحركة من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي في تحقيق أهدافها من الحرب القائمة منذ 7 أكتوبر 2023.
مغامرة بالسلام
يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق, السفير جمال بيومي, إن إصرار نتنياهو على البقاء في فيلادلفيا واتهام مصر بتهريب أسلحة لقطاع غزة "تحرك يائس من شخص مطلوب للعدالة الدولية, وهو مطلوب أيضا للعدالة داخل بلده بسبب جرائم تمس بالشرف, ولا يعرف كيفية التعامل مع هذا المأزق, والشيء الوحيد الذي يحميه أنه رئيس وزراء في حالة حرب".
ولا يستبعد بيومي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية", أن "يغامر نتنياهو بالسلام لمصلحته الشخصية, عبر عرقلة المفاوضات بكل الطرق, ووضع شروط لن يقبل بها أحد", مؤكدا أن "تحالف اليمين المتطرف الحاكم حاليا (في إسرائيل) لا يسعى للسلام".
ورغم ذلك, يرى بيومي أن "مصر والدول العربية تتعامل معه بشكل هادئ؛ لأنهم يعرفون أنه راحل -نتنياهو- لا محالة".
أما الهدف الرئيسي لهذه الدول, وفق الدبلوماسي المصري السابق, فهو "تخفيف الضغوط على الشعب الفلسطيني, ودعمه للبقاء في أرضه؛ لأن صموده في بلده هو الملاذ الآمن الوحيد أمام العرب والفلسطينيين".
جدل عميق
يتفق عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) السابق, يوسي يونا, مع بيومي, بشأن أن نتنياهو "يصر على عرقلة جهود التفاوض, من خلال فرض الشروط التي يريدها, وهو يعرف أن حركة حماس لن توافق عليها, وعلى رأسها محور فيلادلفيا الذي يجد رفضا مصريا أيضا".
كما يلفت المتحدث إلى أن موقف نتنياهو من فيلادلفيا "حوله جدل عميق داخل إسرائيل, خاصة مع الخلاف المعلن بينه وبين قائد الجيش يوآف غالانت, فالأول يصر على بقاء القوات في المحور, بينما يرى قادة الجيش أنه يمكن الانسحاب منه لإفساح المجال, للمضي قدما في صفقة تبادل الرهائن ووقف الحرب".
ويضيف يونا أنه يوجد أيضا "غضب شعبي متزايد نتيجة الخوف على حياة بقية الأسرى, في ظل عدم تقدم المفاوضات, لا سيما بعد مقتل أسرى مؤخرا", وتجلى هذا الغضب في المظاهرات العارمة التي تعجّ بها شوارع تل أبيب, وتطالب بعقد صفقة لتحرير الأسرى, إلا أن يونا يقول: "لكن, لا يمكن التنبؤ بموقف نتنياهو, وما إن كانت المظاهرات والضغط الأميركي سيجعلناه يظهر مرونة أم لا".
ويتابع عضو الكنيست السابق: "نتنياهو يتحدث عن الانتصار النهائي على حماس, لكن لا يوجد تفسير واضح لمعنى هذا الانتصار, وهناك أزمة سياسية كبير تعصف بالبلاد, ولا توجد معرفة لكيفية الخلاص منها".
وفي أحدث مؤشرات الانقسام بين ساسة إسرائيل بشأن الحرب, جدد زعيم المعارضة, يائير لابيد, الأربعاء, اتهام الحكومة بأنها لا تريد السلام, مضيفا في تدوينة على منصة "إكس": "ما دامت هذه الحكومة قائمة, فإن الحرب ستستمر".
أما من داخل الحكومة, فأكد وزير الأمن القومي, إيتمار بن غفير, عبر حسابه على "إكس", رفضه للمفاوضات, قائلا: "أعمل على وقف المفاوضات مع حماس. لا يجب أن تتفاوض إسرائيل, بل أن توقف المفاوضات, وتتوقف عن تزويدهم بالوقود والكهرباء, وتسحقهم حتى يستسلموا".
الإصرار على البقاء في المحور
وعن سبب تمسّك نتنياهو بمحور فيلادلفيا, يقول المحلل السياسي الإسرائيلي, إلحنان ميلر, إنه يرى أن "المحور كان ممرا لتهريب السلاح من سيناء إلى غزة؛ ولذا يستغل هذا للبقاء فيه, رغم قناعة القيادات الأمنية والعسكرية بإمكانية الخروج منه وضمان الأمن فيه بوسائل أخرى؛ مثل المراقبة والتعاون مع مصر والأميركيين, لكنه يصر على البقاء".
وهذا الإصرار وراءه أن نتنياهو, حسب ميلر, "يريد إطالة أمد الحرب حتى القضاء على يحيى السنوار (زعيم حركة حماس) والحركة؛ كي يحقق إنجازا ملموسا في هذه الحرب, وهو في هذا يلعب على الوقت مثله مثل السنوار الذي يراهن أيضا على الوقت ويحاول الصمود".
أما عن توقعاته بشأن تأثير المظاهرات ضد نتنياهو على موقفه, فيقول إنها "لن تغير قرار نتنياهو, بل الهدف منها الضغط على حلفائه في الائتلاف الحاكم؛ إذ تم تنظيم مظاهرات أمام منازل نواب الكنيست والوزراء المقربين من نتنياهو للتخلي عنه".
في المقابل, فإن حماس "تحاول الضغط نفسيا على إسرائيل وأهالي الأسرى, بنشر مقابلات مع الأسرى قبل مقتلهم, والتهديد بقتل آخرين, لكن نتنياهو لا يعطي اهتماما كافيا لحياة المختطفين, بسبب مصالح شخصية وسياسية, وسيتم محاسبته على هذا الأمر", وفق ما يؤكد المحلل الإسرائيلي.