بعد أن أطلق برّي وجعجع مبادرتا الإنتخابات الرئاسية, بدأت التحركات النيابية تبصر النور طامحةً إلى إعادة البلد لوضعه الطبيعي ولملء الشغور الرئاسي, حتى ولو أن هذه الأصداء لا تعني وجود معطيات جديّة تحرك هذا الملف المجمد منذ مدة طويلة.
وفي ظل ما تشهده حكومة بنيامين نتنياهو من الضغوط للمضي في صفقة تبادل ووقف إطلاق في غزة, عقب مقتل 6 أسرى إسرائيليين, والتظاهرات التي ملأت شوارع تل أبيب والمدن الرئيسية في الكيان, والإضراب الشامل الذي شل الكيان منذ صباح أمس حتى ظهره.
وقالت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى لـ"رويترز" إن "من اللافت للنظر" أن الرئيس الأميركي جو بايدن يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو, وليس على زعيم حركة ح يحيى السنوار, بشأن الجهود الرامية للتوصل لاتفاق في غزة.
وفي المقابل, اشار القيادي في حركة "حماس" سامي أبو زهري في حديث لـ"رويترز" في تعليق على تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يبذل جهدا كافيا لوقف إطلاق النار في غزة, الى "إن هذا اعتراف أميركي بأن نتانياهو يقوض الجهود لاقرار الصفقة".
هذا وتشير تقديرات المحلّلين التي تبقي الرهان قائماً على نجاح المفاوضات في كسر المماطلة الإسرائيلية المانعة بلوغ تسوية تنهي الحرب, ولو تطلّب ذلك بعض الوقت. وتسلّط الأنظار على الداخل الإسرائيلي الذي يشهد تحرّكات وضغوطات متزايدة, من شأنها أن تشكّل عاملاً ضاغطاً يسرّع الوصول إلى صفقة تبادل بين إسرائيل وحركة "حماس", تفضي إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار, ينسحب تلقائياً على جبهة لبنان, ويطوي صفحة الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ "حماس" اسماعيل هنية.
واللافت في مقابل ذلك, ما نقلته مصادر ديبلوماسية عربية عن أجواء إحدى دول الوساطة لإنهاء حرب غزة, بأنّها تلقت تأكيدات من مسؤولين إيرانيِّين بأن الردّ على اغتيال هنية قد تقرّر, أمّا توقيته فمرتبط بتقدير القيادة الإيرانية, ولا توجد أي معطيات حول هذا التوقيت. إلّا أنّ تقديرات المسؤولين في الدولة الوسيطة, تقلّل من احتمالات الردّ القريب, ربما لتقدير إيراني بأنّ الردّ في الوقت الراهن, قد يمنح نتنياهو عاملاً يسعى إليه للخروج من أزمته الداخلية والتحرّر من الضغوط الهائلة المتفاقمة ضدّه ولاسيما بعد مقتل الأسرى الستة قبل أيام قليلة. وفي رأيهم أنّ هذه الضغوط قد تسرّع في التسوية, ويقود المنطقة إلى خارج مسار الحرب.
فعلى وقع الاحداث التي يشهدها الداخل الاسرائيلي, احتلت مبادرة رئيس حزب القوات اللبنانية المشهد وتحليلات اللقاءات السياسية, واهتمام الجهات الخارجية, وهو ما استدعى زيارة وفد من القوات الى دار الفتوى لتوضيح مبادرتها, التي رد عليها الشيخ قبلان, وقال: لم يكن ينقص خطابك سوى ان تكون على ظهر دباب اسرائيلية, زمن العنتريات انتهى, والبلد شراكة اسلامية – مسيحية, ولولا الثنائي (أمل والحزب) لتصهين لبنان, وبصراحة هما اكبر قوة سيادية في هذا البلد"..
وطلب التيار الوطني الحر من حزب القوات اللبنانية, التجاوب مع دعوة التشاور في المجلس النيابي, معتبراً ان اية تأجيل اضافي لعملية التشاور المحصورة بالاتفاق على رئيس توافقي والا الانتخاب هو امر لا يساعد على انجاز الاستحقاق.
وقال في بيان له: يمكن للقوات اللبنانية ان تتساهل حول شكليات بسيطة, لا تقف عائقاً امام اهمية انجاز انتخاب رئيس ميثاقي للبنان كفرصة وحيدة لوقف تحلل الدولة وانهيار الوطن.
وفي اطار التحركات الداخلية زار أمس وفد من "تكتل الجمهورية القوية" مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وأعلن باسمه النائب غسان حاصباني أن "علينا ان نضع الأولويات الوطنية نصب أعيننا, ونبادر إلى انتخاب رئيس للجمهورية, بفتح ابواب مجلس النواب والتزام النواب بالحضور والتصويت والتشاور إذا اقتضى الأمر, واستمرار التصويت حتى انتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أولى في مسار طويل, تستكمل بتسمية وتكليف رئيس للحكومة وتشكيل حكومة تعيد لبنان إلى طريق الاستقرار والتعافي, وتعمل على تطبيق القرارات الدولية وتعيد مكانة لبنان في المجتمع العربي والدولي".
وكان النائب ابراهيم كنعان قد اعلن انه ازاء حملة الاغتيال المعنوي التي تطاله, قرر اللجوء الى القضاء, لإجراء المقتضى والوصول إلى الرأس المدبر وأدواته لعملية الاغتيال المعنوي الدائرة, علماً أن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الحملة الحقيرة باتوا معروفين بالأسماء وستتم ملاحقتهم قضائياً.
في حين شدد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب, على "ضرورة التوصّل إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة", مجدداً "تمسّك لبنان بالقرار 1701, وضرورة تطبيقه بالكامل, وانسحاب إسرائيل من باقي الأراضي اللبنانية المحتلة, وحلّ النزاعات العالقة بالوسائل الدبلوماسية".
امنيا, تقدمت المشهد التحقيقات الجارية في الاحداث التي شهدها سجن رومية, ليتبين انها انتهت الى مقتل احد ابرز المحكومين في عملية تصفية الرائد بشعلاني والمؤهل اول زهرمان عام 2014, من القوة الضاربة في مديرية المخابرات في منطقة عرسال, خلال قيامهم بمهمة توقيف لاحد "الدواعش", والتي اوصلت فيما بعد الى احداث عرسال المعروفة.
وقد طرحت الحادثة الكثير من التساؤلات, خصوصا ان ملف الجماعات الارهابية كان قد تراجع خلال السنتين الاخيرتين, خصوصا بعد تفكيك "امارة الجماعات الارهابية" داخل سجن رومية, زمن تولي الوزير نهاد المشنوق وزارة الداخلية.