يشكل اللقاء السعودي- الفرنسي في الرياض, بعد غد الخميس, محطة بارزة في سياق المساعي العربية والدولية لإحياء المسار الرئاسي المعطّل منذ نحو سنتين إلا قليلا بفعل تشعّب الأزمة اللبنانية وارتباطها بالتعقيدات الإقليمية المحيطة.
ليس من المتوقع أن ينتهي اللقاء إلى ثمار فورية, لكن مجرد استئناف الجهد يعيد الحياة إلى الاستحقاق الرئاسي ويشكل دافعا للمسؤولين اللبنانيين كي يعيدوا الانتظام إلى الحياة السياسية بدءا من الالتقاء وصولا إلى حوار حقيقي وفاعل يوصل إلى النهاية المنشودة.
لهذا يُرتقب إمكان أن يُحدث اللقاء السعودي - الفرنسي بين الموفد الرئاسي جان إيف لودريان والمستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء للشؤون الخارجية المكلف ملف لبنان نزار العلولا, تأثيرا في اللاعبين المحليين, خصوصا في ضوء التضاد الواضح في موقف كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي إلى حوار يؤول إلى الانتخاب الرئاسي, ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المتمسّك بانتخاب الرئيس مدخلا لحوار وطني.
وتطرح باريس مجموعة من الأفكار المسهّلة لانعقاد مجلس النواب في جلسة انتخابية حاسمة, مع إدرها بأن الأمر لن يحصل سوى متى قبلت الأطراف المعنية وتحديدا حزب الله بفصل أي استحقاق لبناني, وليس الرئاسة فحسب, عن التطورات في المنطقة عموما, وتحديدا الحرب في غزة. وترمي باريس من كل ذلك إلى أن يكون لبنان جاهزا بقضّه وقضيضه وبقيادة الرئيس العتيد للجمهورية للانخراط الفعلي في أي نقاش أو حوار خارجي عند نضوج التسوية في غزة والتي ستليها حكما ترتيبات دولية لأكثر من صراع في المنطقة, ولبنان في قلب غالبية تلك الصراعات.
كما يُرتقب استئناف السفراء الخمسة اجتماعاتهم بعد استراحة الصيف, فيما تردّد أن اللقاء الأول بعد العطلة سيستضيفه في غضون أيام قليلة السفير السعودي وليد البخاري الموجود راهنا في الرياض للمشاركة في التحضيرات الممهّدة لزيارة لودريان.
ويُخشى أن يزيد أي اختلاف محلي حدّة الاستقطاب, فينعكس سلبا على الجهود الدولية الراغبة في تسهيل إنهاء الفراغ الرئاسي مقدمّة للانصراف إلى معالجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تفاقم معاناة اللبنانيين منذ خريف ٢٠١٩ وانهيار سعر الصرف. لذا خضع التضاد بين بري وجعجع لتقويم دقيق من أجل حصر انعكاساته السلبية ومنع تفاقمها رئاسيا. وبرزت في هذا الصدد دعوة التيار الوطني الحر رئيس القوات اللبنانية إلى التقاط فرصة الحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب وتثميره رئاسيا في سبيل استغلال الفرصة القائمة وكسر المراوحة الحاصلة.