بدأ أصحاب المحال التجارية في الجنوب بإخراج بضائعهم من مستودعاتهم في القرى الحدودية, ضمن قوافل جرى تنسيقها مع الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل", حسبما ظهر في مقطع فيديو انتشر في موافقع التواصل الاجتماعي.
والفيديو الذي صُوّر يوم الخميس, يوثّق القافلة الثالثة ضمن نشاط بدأ قبل ثلاثة أيام, وهي القافلة الثالثة التي جرى إخراجها من بلدة ميس الجبل. ويوثق الفيديو عشرات الشاحنات الصغيرة المحملة بالبضائع العائدة إلى تجار كانوا يخزنون بضائعهم منذ مرحلة ما قبل الحرب في مستودعات في القرية.
وتظهر الشاحنات في الفيديو, في أحياء لم تتعرض لتدمير, وهي موجودة في وسط القرية التي تركز القصف والتدمير فيها على المنشآت الواقعة على واجهتها الحدودية, وفي الحي الغربي المعروف بحي الفلل والقصور, الذي يربط البلدة بوادي الحجير ويصل الى بلدة شقرا في المقلب الآخر من الوادي.
لا إخلاء لأثاث المنازل
وخلافاً لكل التقديرات المتسرعة والبلبلة في مواقع التواصل, والمخاوف من عدم العودة الى الديار وإخلائها, لا يرتبط هذا الأمر بإخلاء القرى بشكل دائم, حسبما قالت مصادر في البلدة لـ"المدن", مؤكدة أن الأمر محصور في أصحاب المصالح التجارية الذين يحاولون إخراج بضائعهم لتسويقها في أماكن آمنة خارج المنطقة الحدودية التي تشهد حرباً منذ 11 شهراً.
وأكدت المصادر الميدانية أن ما شوهد في الفيديو ليس أثاث منازل تم اخلاؤها, نافية أن يكون أهالي البلدة أو أي بلدة حدودية أخرى قد اتخذوا القرار بالرحيل الدائم, أو فقدوا الأمل في العودة الى ديارهم كما حدث في العام 1978.
نشاط تجاري فرملته الحرب
وتُعدّ بلدة ميس الجيل, واحدة من أكبر بلدات قضاء مرجعيون, وعُرفت في السنوات العشر الماضية بنشاط تجاري كبير, إثر نقل الكثير من التجار الذين كانوا يعملون في منطقة البسطة ومحيطها في بيروت, مستودعاتهم الى ميس الجبل.
لكن هذا النشاط فرمَلته الحرب. وقالت مصادر في البلدة إن بعض التجار, وخصوصاً مستوردو السجاد والأغطية والحرامات والأدوات المنزلية, تتواجد في مستودعاتهم بضائع بعشرات ملايين الدولارات, وكانت هذه المستودعات قد أُقفلت منذ بدء الحرب.
وكان السكان لدى اندلاع حرب الجنوب في 8 تشرين الاول/اكتوبر الماضي, يتوقعون أن تنتهي خلال أسابيع قليلة, لكن الحرب طالت نحو 11 شهراً, ما جمّد أعمالهم ودفعهم أخيراً إلى التواصل مع قيادة الجيش اللبناني الذي أوكل إلى مديرية المخابرات في الجنوب تنسيق إخراج البضائع من المستودعات ضمن قوافل منسقة مع قوات "اليونيفيل".
تعميم الإنقاذ التجاري
وكان يُفترض أن يُستأنف تسيير قوافل أخرى, اليوم الجمعة, لكن هذا الأمر قد يُعلَّق حتى يوم الإثنين المقبل, لمزيد من التنسيق. وبعدما افتتح تجار ميس الجبل جهود النقل المنسق دبلوماسياً وأمنياً للبضائع, ستنسحب الخطوة على بلدات أخرى فاتَحَت مرجعيات سياسية وأمنية بهذا الموضوع, وسيجري تنسيق إخراج البضائع العالقة, وفقاً لما قالته مصادر مواكبة لـ"المدن". وبذلك, سيكون هناك تعميم لفكرة الإنقاذ التجاري.
وفي فترة سابقة, وتحديداً في الهدنة الأولى في تشرين الثاني الماضي, ولاحقاً لدى زيارات الأهالي القصيرة إلى منازلهم, جرى إفراغ بعض المحال التجارية التي تتضمن مواد محكومة بصلاحية زمنية محددة, مثل بعض الأدوية والمواد الغذائية ومنتجات تُستخدم في أعمال البناء, وكانت أعمالاً فردية غير منسقة. واستهدفت غارة جوية اسرائيلية منزلاً في ميس الجبل في شهر أيار الماضي, كان صاحبه وعائلته يحاولون إفراغ الدكان, ما أدى الى استشهاد أفراد العائلة الأربعة, وهم الأب فادي حنيكي وولداه محمد وأحمد وزوجته مايا عمار.
تقليص الخسائر
ويُنظر الى هذا التنسيق اليوم على أنه خطوة مهمة لتقليص خسائر سكان المنطقة الحدودية وإعادة الزخم لنشاط تجاري مؤقت خارج المنطقة الحدودية, ريثما تهدأ الأوضاع ويعود السكان الى منازلهم ويستأنفون نشاطهم التجاري والصناعي والزراعي.
يُشار الى أن ميس الجبل, تحولت الى مركز تجاري ضخم خلال العقد الأخير, بالنظر إلى أن أكبر مستوردي السجاد والادوات المنزلية والأثاث, انتقلوا إلى البلدة لتقليص كلفة الإيجارات التي كانو يتكبدونها في بيروت, وبنوا أسواقاً ضخماً في مستقرّهم الجديد, كما ضمت البلدة في السنوات الماضية فروعاً لمصارف لبنانية لمواكبة تلك الحركة التجارية.