يتزايد إرباك اللبنانيين, وتتداخل يوما بعد يوم قضية المودعين, وحقوقهم التي احتجزها ضمور السيولة في المصارف ومصرف لبنان, مع القرارات والمراسيم التي تصدر تباعا عن المصرف المركزي ووزارة المال المعنيين بسعر صرف الدولار المصرفي "اللولار".
ففيما حاولت وزارة المال إنقاذ الإرباك المحاسبي لديها من فوضى تعدد أسعار الصرف في احتساب العائدات والصرفيات, ومحاولة تنظيم القيود المحاسبية لديها بالدولار منذ بدء الأزمة, ومباشرة التحضير لموازنة 2025 على سعر موحد للدولار, اتهمت بأنها "وقعت في مخالفة دستورية موصوفة, حيث تمنع القواعد الدستورية والقانونية أي شكل من أشكال التمييز بين المواطنين, وترسي مبدأ المساواة والعدالة بين الجميع, وعدم المس بالملكية الخاصة".
فقرار وزارة المال الذي نال موافقة مجلس الوزراء, أشعل الخلاف مجددا مع المودعين, حيث ذهب البعض إلى اتهام الوزارة بأنها تمارس "صيفا وشتاء" تحت سقف مصرفي واحد, وبأنها سعت إلى إنقاذ قيود المحاسبة لديها, فيما تخلت عن تسعير الدولار المصرفي بما يوازي سعره الحقيقي في السوق, فوضعت المودعين مجددا في مواجهة مع المصارف, التي تنتظر بدورها, وبفارغ صبر, قرارا حكوميا منسقا مع مصرف لبنان, يعيد تسعير الدولار بسعر السوق الفعلي.
ولأن "مهزلة استمرار تسعير اللولار على 15 ألف ليرة وترك المودعين عرضة لمقصلة هيركات مقنع يعادل 83.2% للدولار المصرفي الواحد لا يمكن أن تستمر, فيما وزارة المال ومصرف لبنان وحّدا جميع الرسوم والعائدات الضريبية على السعر الفعلي الحقيقي للدولار في السوق", تقدم المحامي الدكتور باسكال فؤاد ضاهر بالأصالة عن نفسه وبوكالته عن الإعلامي ماريو عبود والمحامي شربل شبير والدكتور حكمت مطر والمدير السابق في مصرف لبنان ياسر جمول أمام #مجلس شورى الدولة بمراجعة لحماية حقوق المودعين. وترمي المراجعة إلى إبطال ووقف تنفيذ لـ"كتاب وزارة المال الرقم 1952/ ص 1 تاريخ 6/8/2024 المستند اليه بقرار مجلس الوزراء الرقم 9 تاريخ 14/8/2024 الرامي إلى أخذ العلم بكيفية تسجيل المالية القيود المحاسبية بالدولار منذ بدء انهيار سعر الصرف".
ويركز الطعن على مخالفة المادتين 9 و10 من المرسوم الاشتراعي الرقم 120 لعام 83 الذي ألزم بيان سعر الصرف من خلال السوق الحرة والمحددة بردهة بورصة بيروت, وتاليا فإن القرار صادر عن سلطة غير مختصة. كذلك يركز على مخالفة القرار المادة 16 من قانون التجارة التي منعت مسك دفتري حسابات, إلى انتفاء إمكان وزارة المال إلزام المصارف فتح دفتري حسابات واحتساب سعر الصرف بدءا من شباط 2024 على أساس سعر السوق, فيما تستمر باحتساب دولار المصارف بـ 15 ألف ليرة. وهذا الأمر يعزز سياسة الإفلات من العقاب وتحميل المسؤولية لغير مسؤوليها, وقد باشرت المصارف تطبيق هذا السعر لا سيما أن الفقرة العاشرة من القرار المطعون فيه ربطت بصريح العبارة هذا السعر بالسحوبات الخاصة بالودائع".
المراجعة بنيت على عدد من القواعد الدستورية والقانونية, منها مبدأ المساواة والعدالة وعدم المس بالملكية الخاصة التي تلزم رد الوديعة بعملتها وليس على أساس أي سعر بدلي بالليرة.
إلى ذلك, أكدت مصادر مصرفية لـ"النهار" أن قرار وزارة المال لا يشمل المودعين, وهو أمر واضح في البيانين التوضيحيين اللذين أصدرتهما الوزارة. إذ أشارت الأخيرة إلى أن "أسعار الصرف الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 9 تاريخ 14/8/2024 تتعلق فقط بقيم القيود المحاسبية للدولة اللبنانية, وليس لها أي علاقة بقيم حسابات المودعين لدى المصارف اللبنانية. فالغاية الأساسية تحديد سعر صرف الدولار الاميركي من أجل تسجيل الواردات والنفقات في حسابات الخزينة وإصدار البيانات المالية نتيجة الانخفاض الكبير في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي خلال الأعوام 2020 ولغاية 2023 ضمنا, بهدف إظهار قيم هذه العمليات بشكل غير مخفض أو مضخم ضمن القيود المحاسبية الخاصة بالدولة اللبنانية.
في المقابل, أكدت مصادر متابعة "أن القرار موجه لتحديد سعر صرف الدولار المصرفي المعروف بلولار, وتشريع التفرقة بين "الفريش" وسواه والقيود المحاسبية المتصلة به, وتاليا فإنه يكون قد ألزم المصارف تسديد هذا الدولار وفق السعر المحدد في متن القرار. وأكثر, فإن القانون المؤتمنة على تطبيقه وزارة المال منع تعدد دفاتر المحاسبة, بما يتناقض مع الأحكام المحاسبية, ولا سيما أنه بهذا المنحى يريد تثبيت خطة الحكومة اللبنانية التي ترمي بصريح نصوصها إلى تصفير العجز من الودائع عبر اختلاق أسعار صرف وهمية".
ومن الأسباب التي وردت في الطعن بقرار وزارة المال:
- صدوره بجلاء عن سلطة غير مختصة ومخالفته مبدأ فصل السلطات, وإمكان تحديده سعر الصرف الرسمي المحصور بقوة نص المادتين الرقم /9/ و/10/ من المرسوم الاشتراعي الرقم 120 لعام 1983 بعمليات تجري في ردهة البورصة, ولأنه لا يحق له تشريع الكابيتال كونترول أو الهيركات من دون نص صريح يصدر عن مجلس النواب.
- مخالفته القانون بتغطيته إنشاء منطقة مصرفية حرة لا يمكن تقريرها بقرار إداري بل بقانون على غرار القانون المنفذ بالمرسوم الرقم: /9976/ 75, وبالمرسوم الرقم 29/ 1974 تاريخ 29 أيار 1974, ولعدم جواز تحديده أي تفرقة بين ودائع قديمة وجديد, ولأنه يشكل في طياته شطباً للودائع.
- مناقضته مبدأ المساواة ومبدأ حرية التداول المنصوص عليهما في مقدمة الدستور اللبناني, ولعدم إمكان تسديد المصرف للودائع ذات العملة الأجنبية بالعملة بالليرة اللبنانية باعتبارها وديعة شاذة غير عادية, سندا إلى أحكام المادتين /690/ و/755/ وما يليهما من قانون الموجبات والعقود والمادة /123/ من قانون النقد والتسليف التي تنص على أن الودائع تخضع لأحكام المادة /307/ من قانون التجارة.
- تشريعه بشكل غير قانوني المخالفات القانونية كافة المساقة من المصرف المركزي ولا سيما خطة الظل التي ترمي إلى تعديل طبيعة الجمهورية اللبنانية الاقتصادية من الليبرالية إلى الشمولية وإلى وأد الودائع, والتي يمكن إيجازها ضمن سببين هما:
- تشريعه مخالفة حكم الوديعة وتناقضه مع العقود الموقعة بين المودعين والمصارف, وتاليا مخالفته المادتين /221/ و/299/ من قانون الموجبات والعقود, ولأنه يشرع التفريق بين الودائع, فريش وسواها.
- يعمل على وضع التنفيذ الخطة الحكومية التي لم تجر الموافقة عليها في مجلس النواب, موضع التنفيذ, ويسعى بذلك إلى تحوير الأصول الدولارية باعتماد خطة الظل.
- يشكل تعديا على قرارات مجلس الشورى القاضية بوقف تنفيذ كل من التعميم الرقم 151 والقرار الصادر عن الحكومة اللبنانية الرقم 22.
- يمول الفساد ويغطي المخالفات التي سمحت للمصارف بتسديد الودائع ذات العملة الأجنبية بالليرة اللبنانية, ويشكل أخذا غير مشروع لحقوق الغير ويشرع الهيركات ويحجب المسؤولية بصورة غير قانونية.
سلوى بعلبكي _ النهار