حكمت الأوضاع الراهنة في لبنان على شبابه إمّا بالرحيل إلى بلاد الله الواسعة لمن تيسّر له ذلك, وإمّا إيجاد ما توفّر من فرص عمل في أصعب الظروف. ومن هذه الفرص, خدمة باتت على طريق التحوّل إلى مهنة وهي خدمة التوصيل او الـDelivery. فمن منّا اليوم لا يلجأ لشراء بعض الحاجيات عبر تطبيقات معينة؟ حتى أن الكثيرين ألغوا من يومياتهم التوجه بأنفسهم نحو السوبرماركت للتبضع, فاستعاضوا عن ذلك بشبّان يحضرون ما يحتاجون إليه.
من المعروف عن اقتصاد لبنان أنه يعتمد على الخدمات بنسبة كبيرة, بين المصارف, الفنادق, المطاعم, إلا أن هذه القطاعات الكلاسيكية لم تعد هي الأساس, بل ابتكر المواطنون أبوابهم الخاصة لتوفير الخدمات والإستفادة مادياً في الوقت عينه. وهنا نتحدث عن مجال الديليفيري الذي بات يشهد إقبالاً مثيفاً من قبل الشبان, الجامعيين منهم في الجزء الأكبر, من دون أن ننسى أن اليد العاملة السورية قد تمتلك حصّة الأسد في هذا النطاق لأسباب عدّة.
ويعمل هؤلاء لتوصيل حاجيات الأفراد إلى منازلهم من السوبرماركت, محال الورود, متاجر الثياب والأركيلة وغيرها, فيتنقلون على دراجاتهم النارية من دون أن يكونوا أصلاً منتسبين للمؤسسة التي يعملون لصالحها ومن دون الإلتزام بدوام عمل ثابت ومحدد, ما يوفر لهم حرية العمل لأكثر من مؤسسة بحسب وقتهم, ويكسبون مع كل توصيلة إكراميات تختلف قيمتها بين الزبائن.
وفي حين أن "الدليفري" خدمة لا تحتاج سوى لعوامل سهلة التأمين كي تنطلق, مثل توفير دراجات نارية إذا لم يمتلكها الشاب, هاتف خليوي ورقم خاص بالعمل, تغطية نفقات المحروقات للتنقل, ابتكر بعض الشبان مجموعات عمل لتوفير فرص عمل للبنانيين في ظل الإستحواذ السوري على هذه الخدمات, مثل" "YALLA JEYE" و"KHALIK MERTEH في زحلة, و"موتو الأشرفية" وسواها, وهي مجموعات تضم شباناً لبنانيين هدفها تأمين مدخول لهم من دون إلزامهم بدوام عمل معين.
وبينما يقدّر كثيرون أهمية هذه "المهنة" معتبرين أنها توفر عنهم عناء الوقت والتنقل, يفضل عدد آخر عدم اللجوء إليها والتوجه شخصياً لشراء الحاجيات خاصة في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة وانعدام الثقة بشبان غريبين يصلون إلى عتبة الأبواب.
يتأقلم الشاب اللبناني مع وضعه منذ الأزل, وهو أمر مفروض عليه كي يستطيع تأمين مقتضيات العيش اللازمة له ولعائلته. فهل تفرج هذه الأيام ما يسهّل عليه حياته وسط التحديات الجمّة التي يخوضها؟
زينة كرم _ "لبنان 24"