لم يعد خافياً أن المجتمع اللبناني يتراجع من حيث النمو السكاني مع تراجع الولادات لا سيما بعد الازمة الاقتصادية الخانقة التي دفعت بالكثيرين إلى تحديد عدد الاطفال في الأسرة حتى يتمكنوا من إعالتهم وتعليمهم جيداً, إضافة إلى إرتفاع نسبة الوفيات مع تزايد الامراض والحروب والتفلت الأمني مما يجعل العدد السكاني في تنازل مستمر, ويؤدي إلى شيخوخة المجتمع اللبناني وهو ما سبق أن حذر منه الباحثون ومراكز الدراسات.
وفي مقابل تراجع النمو السكاني هذا, فإن النزوح السوري بات يشكل منافساً قويا للسكان الاصليين لجهة النمو في أعداد الولادات.
ولا يخفي منسق مختبر ديموغرافيا مركز الابحاث في المعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتور شوقي عطية وجود إنخفاض بالنمو السكاني في لبنان وكذلك هناك تراجع بالولادات مقابل إرتفاع بالوفيات وبالهجرة وبشكل كبير, وهو ما يؤدي برأيه إلى إنخفاض عدد السكان على المدى الطويل وإلى "تعمر" المجتمع أو بالأحرى المجتمع سيتسم بالشيخوخة.
أما عن المدى الزمني لتبلور هذه الصور ويظهر أثر ذلك بوضوح, فلا يستطيع الدكتور عطية تحديد ذلك بدقة لأن حتى المعطيات المتوافرة على الصعيد الرسمي أو عبر الشركات المتخصصة غير دقيقة, لكن وفق دراسة سبق له أن نشرها منذ حوالي 10 سنوات فالمجتمع اللبناني هرم, حيث ذكر في الدراسة أنه في عام 2045 سيتراجع عدد السكان, لكنه لمس أنه منذ عام 2014 أن النمو يتراجع بوتيرة أكبر مما كان متوقعاً, لذلك فإن ما ذكره بالدراسة لم يعد أكيداً لجهة اعتبار العام عام التراجع الجدي لهذا النمو 2045, ومن المرجح أن نتلمس هذا التراجع بشكل كبير ما بين 2030 أو 2035 حيث يبدأ عددالسكان بالإنخفاض.
ويوضح الدكتور عطية, أن هناك اليوم إنخفاض ملحوظ جداً بالولادات وخاصة بعد عام 2020 تقريبا, مقابل إرتفاع بالوفيات, وعلى سبيل المثال عام 2019 كان الوفيات بحدود 27000 لكنها إرتفعت إلى 29000 من ثم إلى 36000 بسبب كورونا عام 2021, ثم عادت وإنخفضت ولكنها لم تنخفض من دون المستوى السابق أي 27000 , وهذا أيضاً ينطبق على الولادات التي كانت بحدود 86000 عام 2019 وإنخفضت تقريباً إلى 60000 ثم إرتفعت قليلاً لكن لا زالت أقل بكثير مما كانت عليه عام 2019 . إذا الانخفاض ملحوظ جداً في الولادات مقابل ارتفاع في الوفيات, مما يؤدي حتماً إلى نمو سكاني سلبي.
وفيما يتعلق بمسألة النازحين السوريين, يذكر أنه أورد في دراسة سابقة بأنه في العام 2035 سيصبح السوريين أكثر من 50% من سكان لبنان, وهم اليوم يشكلون 35% من عدد اللبنانيين كما أن لديهم نمو سكاني بحدود 3% كل عام فيما يتراوح النمو السكاني اللبناني بين الصفر% بأحسن الاحوال و0,5 بالمئة في أسوأ الأحوال, وهذا النمو المتزايد للنازحين مقابل النمو المنخفض أو المستقر للبنانيين سيجعل عدد النازحين في العام 2025 يوازي 50% من عدد سكان لبنان.