تشهد المفاوضات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين تضاربا في التواريخ التي يعدها كل طرف مرجعية في مواقفه.
وتدعو حركة حماس إلى تنفيذ ما وافقت عليه في الثاني من يوليو/تموز الماضي, أما إسرائيل فتصر على ما تعتبره مبادئ أساسية أعلنتها يوم 27 مايو/أيار الماضي.
فماذا تعني هذه التواريخ؟
27 مايو/أيار
سلّمت إسرائيل يوم 27 مايو/أيار الماضي ثلاثي الوساطة المكون من الولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر مقترحا جديدا, يتضمن استعدادا لمناقشة مطلب حركة حماس بالهدوء المستدام وعدد المحتجزين الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى, إضافة إلى بنود متعلقة بالوجود العسكري في محور فيلادلفيا والفحص الأمني للنازحين الفلسطينيين العائدين إلى شمال غزة.
يوم 31 مايو/أيار, قال الرئيس الأميركي جو بايدن -في خطاب من البيت الأبيض- إن إسرائيل عرضت مقترحا شاملا بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع المحتجزين يتكون من 3 مراحل:
المرحلة الأولى: تدوم 6 أسابيع, وتتضمن وقف إطلاق نار شاملا وكاملا, وانسحاب القوات الإسرائيلية من كل المناطق المأهولة في غزة, وإطلاق سراح عدد من المحتجزين, بمن فيهم جرحى وشيوخ ونساء, مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين.
وسيتم في هذه المرحلة أيضا تسليم ما بقي في غزة من جثث لمحتجزين إسرائيليين, كما سيعود الفلسطينيون إلى كل مناطق غزة بما في ذلك الشمال, وستدخل المساعدات إلى غزة بمعدل 600 شاحنة في اليوم.
وخلال هذه الأسابيع الستة, ستتفاوض حماس وإسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار, لكن الهدنة ستستمر إذا ظلت المحادثات جارية.
المرحلة الثانية: وتستمر 6 أسابيع يتم خلالها الإعلان عن استعادة الهدوء المستدام (توقف العمليات العسكرية والعدائية بشكل دائم) وسريانه قبل البدء بتبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين.
كما سيتم الإفراج عن جميع من تبقى من المحتجزين الرجال الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة المدنيين والجنود, مقابل عدد من الأسرى في السجون الإسرائيلية ومن المعتقلين في مراكز الاعتقال الإسرائيلية.
وتتضمن هذه المرحلة أيضا الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
المرحلة الثالثة: وتستمر 6 أسابيع, وخلالها سيتم تبادل جميع أشلاء/ رفات الموتى لدى الطرفين بعد الوصول إليهم والتعرف عليهم. والبدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 3 إلى 5 سنوات بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية المدنية, تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات, ومن بينها مصر وقطر والأمم المتحدة, إضافة إلى فتح المعابر الحدودية لتسهيل حركة السكان ونقل البضائع.
2 يوليو/تموز
في الثاني من يوليو/تموز الماضي, سلمت حركة حماس الوسطاء ردها بشأن مقترح وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى.
وتطالب حماس الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قبلته في الثاني من يوليو/تموز الماضي, استنادا إلى رؤية الرئيس الأميركي, وقرار مجلس الأمن 2735, وإلزام إسرائيل بذلك, بدلا من الدخول في مفاوضات جديدة.
وحذرت حماس -في بيان قبل الجولة الأخيرة من المفاوضات في الدوحة- من أن الدخول في جولات مفاوضات أو مقترحات جديدة سيوفر الغطاء لإسرائيل للاستمرار في عدوانها, ويمنحها مزيدا من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وأكدت الحركة حرصها, منذ البداية, على إنجاح جهود الأشقاء الوسطاء بقطر ومصر, للوصول إلى اتفاق وقف النار ينهي حرب الإبادة الجماعية بغزة, مشيرة إلى أنها خاضت جولات مفاوضات عديدة, وقدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية لتحقيق أهداف ومصالح الشعب الفلسطيني وحقن دمائه.
مفاوضات الدوحة
استضافت العاصمة القطرية الدوحة في 15 و16 أغسطس/آب الحالي جولة جديدة للمفاوضات, وكشف بيان مشترك للوسطاء عن أن الولايات المتحدة الأميركية بدعم من دولة قطر وجمهورية مصر قدمت لكلا الطرفين اقتراحا يقلص الفجوات بينهما ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس الأميركي جو بايدن يوم 31 مايو/أيار الماضي وقرار مجلس الأمن رقم 2735, وأن هذا الاقتراح يبنى على نقاط الاتفاق التي تحققت خلال الأسبوع الماضي ويسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق.
وقال مسؤول كبير بإدارة الرئيس جو بايدن إن المفاوضات كانت مثمرة للغاية, ومن أكثر المحادثات البناءة التي أجرتها الأطراف منذ أشهر.
وأضاف هذا المسؤول "اليومان الماضيان في محادثات الدوحة قد يكونان أكثر الأيام المثمرة منذ شهور", مشيرا إلى أنه تم إحراز كثير من التقدم في محادثات الدوحة, وتم وضع مقترح نهائي لجسر الفجوات, وقال "أمامنا الآن أفضل فرصة منذ أشهر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة".
في المقابل, انتقد مصدر قيادي بحركة حماس -في حديث للجزيرة- المقترح الأميركي الجديد, وقال إنه يستجيب لشروط الاحتلال ويتماهى معها, وأشار إلى أن الحركة تأكدت مجددا أن الاحتلال لا يريد اتفاقا, ويواصل المراوغة والتعطيل ويتمسك بإضافة شروط جديدة لعرقلة الاتفاق.
وأكد المصدر التزام الحركة بما وافقت عليه في الثاني من يوليو/تموز الماضي, ودعا الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال وإلزامه بالذهاب إلى تنفيذ ما اتفق عليه, مشددا على أن أي اتفاق يجب أن يضمن "وقف العدوان على شعبنا والانسحاب من قطاع غزة".
وفي أول تعليق له بعد اختتام مفاوضات الدوحة, قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يقدر جهود الولايات المتحدة والوسطاء في إقناع حماس بالتخلي عن رفضها صفقة إطلاق سراح "الرهائن".
وأعرب عن أمله في أن تؤدي الضغوط إلى قبول حماس مبادئ مقترح 27 مايو/أيار الماضي ليصبح من الممكن تنفيذ تفاصيل الاتفاق, مشيرا إلى أن "مبادئنا الأساسية معروفة للوسطاء والولايات المتحدة".