أعلنت الولايات المتحدة وقطر ومصر, الجمعة, تقديم مقترح جديد خلال محادثات الدوحة التي استمرت يومين "يقلّص الفجوات" بين إسرائيل وحركة حماس التي أعلنت رفضه.
وقال بيان مشترك صدر عن الدول الثلاث إن المفاوضات ستستأنف الأسبوع المقبل في القاهرة, في وقت تتواصل الضغوط الديبلوماسية لتجنّب اتساع رقعة الحرب إقليميا بعد تصاعد التوتر خلال الأسابيع الماضية بين غيران وحزب الله مع إسرائيل.
وجاء في البيان "على مدى ال48 ساعة الماضية في الدوحة, انخرط كبار المسؤولين من حكوماتنا في محادثات مكثفة كوسطاء بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمحتجزين. كانت هذه المحادثات جادة وبناءة وأُجريت في أجواء إيجابية".
وتابع أن الولايات المتحدة الأميركية قدّمت خلال الاجتماع بدعم من قطر ومصر "لكلا الطرفين اقتراحا يقلّص الفجوات بينهما ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس (الأميركي جو) بايدن في 31 أيار, موضحا أن الاقتراح "يسدّ الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق".
وأعلن أن المفاوضين سيجتمعون "مّرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل آملين التوصل إلى اتفاق وفقا للشروط المطروحة اليوم".
وبعد صدور البيان, أكّد مصدر قيادي في حماس لوكالة فرانس برس أن قيادة الحركة تبلّغت بنتائج اجتماعات الدوحة.
وأضاف أن الوفد الاسرائيلي "وضع شروطا جديدة في سياق نهجه للتعطيل مثل إصراره على إبقاء قوات عسكرية في منطقة الشريط الحدودي مع مصر (محور فيلادلفيا), وأن يكون له الحقّ بوضع فيتو على أسماء أسرى (فلسطينيين) وإبعاد أسرى آخرين لخارج فلسطين".
وشدّد على أن حماس "لن تقبل بأقل من وقف كامل للنار والانسحاب الكامل من القطاع وعودة طبيعية للنازحين, وصفقة تبادل (رهائن ومعتقلين) بدون قيود وشروط الاحتلال".
كذلك نقلت رويترز عن القيادي الكبير في حركة حماس سامي أبو زهري إن "الإدارة الأميركية تحاول إشاعة أجواء إيجابية كاذبة وهي لا تملك أي جدية لوقف الحرب وإنما تهدف إلى شراء الوقت ".
- "ممنوع مهاجمة إسرائيل" -
ويأتي هذا البيان في ظلّ تكثيف المساعي الديبلوماسية في أعقاب تهديدات إيران وحزب الله بمهاجمة الدولة العبرية ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز في ضربة نسبت الى إسرائيل, وذلك بعد ساعات من مقتل القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في ضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وتعهّدت طهران ب"الثأر" لمقتل هنية, وحزب الله بالردّ على مقتل شكر.
غير أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن اعتبر الثلثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران الى الامتناع عن شنّ هجوم على اسرائيل.
وبدأت المحادثات في الدوحة الخميس بمشاركة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إضافة إلى رئيسي جهازي الاستخبارات الخارجية (موساد) دافيد برنيع والداخلية (شين بيت) رونين بار الإسرائيليين.
وتزامنت مفاوضات الدوحة مع محادثات أجراها وزيرا الخارجية الفرنسي والبريطاني ستيفان سيجورنيه وديفيد لامي في إسرائيل اليوم. وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة أثناء لقائه سيجورنيه ولامي أنّ بلاده تتوقع من حلفائها مساندتها في "مهاجمة أهداف مهمة" في إيران في حال تعرّضها لهجوم من طهران.
وقال في بيان صادر عن مكتبه "تتوقع إسرائيل من فرنسا والمملكة المتحدة أن تقولا لإيران بشكل واضح وعلني أنه ممنوع مهاجمة إسرائيل, وإذا هاجمت إيران, فإن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة سينضم إلى إسرائيل, ليس فقط للدفاع عنها ولكن أيضا لمهاجمة أهداف مهمة" في إيران.
- أنفاق حزب الله -
في لبنان, نشر حزب الله مقطع فيديو يُظهر مقاتلين وهم يتحرّكون في أنفاق كبيرة مضاءة ومحفورة في الصخر. وفيما ظهر عدد كبير من الشاحنات يتحرّك داخلها, فقد كانت هناك أيضا فتحة تخرج منها قاذفة صواريخ كبيرة موجّهة نحو السماء. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقّق من صحة هذا الفيديو.
في هذا الوقت, تزداد الأوضاع الإنسانية تدهورا في قطاع غزة المحاصر.
وطالبت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بهدنتين مدة كل منهما سبعة أيام لتطعيم أكثر من 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.
ميدانياً, أفاد شهود الجمعة عن ضربات إسرائيلية على القطاع حيث أعلن الجيش الإسرائيلي "القضاء على إرهابيين".
وطلب الجيش الإسرائيلي إخلاء مناطق جديدة في خان يونس في الجنوب, بما يقلّص المنطقة الإنسانية التي سبق له ان طلب من السكان اللجوء اليها.
وقال النازح ماهر الطبش (35 عاما) "كم مرة يريدون أن ينقلونا؟ لم يعد لدينا مكان نذهب إليه. نفضّل الموت هنا, هذا يكفي!".
واندلعت الحرب إثر هجوم لحركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول أسفر عن مقتل 1198 شخصا, معظمهم مدنيون, وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا, لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة, بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 40005 أشخاص, وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس الخميس.
- "حرق, قتل" -
ومنذ بدء الحرب, تصاعد التوتر في الضفة الغربية.
ومساء الخميس, اقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين بلدة جيت الواقعة بين نابلس وقلقيلية, وأضرموا النار في مبان ومركبات وألقوا الحجارة وزجاجات حارقة, وفق ما أفاد الجيش الإسرائيلي الذي تمكّن من إلقاء القبض على أحدهم.
وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن الهجوم أسفر عن مقتل محمود عبد القادر سدة البالغ 23 عاما "بنيران مستوطنين" فيما أصيب فلسطيني آخر بجروح خطرة برصاصة في الصدر.
وقال حسن عرمان من سكان القرية لوكالة فرانس برس "إنه هجوم غير مسبوق (...) جاؤوا ليقتلوا ويحرقوا ويخربوا".
ودان مسؤولون إسرائيليون وفي العالم الهجوم.
واستنكرت الأمم المتحدة التي تندد بانتظام بالاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية باعتباره انتهاكا للقانون الدولي, بالهجوم "المروّع", بينما انتقدت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا عملاً "غير مقبول".
كذبك دان وزير الخارجية البريطاني الجمعة بـ"أشدّ العبارات" هجوم المستوطنين الإسرائيليين "البغيض" على القرية الفلسطينية.
وأعلن مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة أنه سيقترح فرض عقوبات على مسؤولين ردا على الهجمات التي ينفذها مستوطنون في الضفة الغربية المحتلة وسط "إفلات شبه تام من العقاب".
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية الهجوم "إرهاب دولة منظما", في تلميح الى تواطؤ بين المستوطنين والسلطات الأمنية.