في قرية جيت في الضفة الغربية المحتلة, يعبّر سكان عن صدمتهم الجمعة بعد هجوم مستوطنين أسفر عن مقتل شخص وجرح آخر... ويقول حسن عرمان "إنه هجوم غير مسبوق (...) جاؤوا ليقتلوا ويحرقوا ويخربوا".
ويروي سكان في القرية ليلة رعب عاشوها عندما اقتحم عشرات المستوطنين اليهود قريتهم مساء الخميس وأحرقوا منازل وسيارات, قبل أن يسقط شاب برصاصة قاتلة ويصاب آخر بجروح حرجة.
ويضرب حسن عرمان بقدمه سيارته المتفحمة التي أحرقت في الهجوم بعد أن حاول عبثا فتح بابها.. ثم يروي "نتحدث عن نحو مئة مستوطن يرتدون لباسا موحدا, معهم سلاح أبيض وسلاح رشاش وسلاح كاتم للصوت".
وظهرت آثار الحريق على بعض المنازل, وتناثرت قطع قرميد محروق على الأرض وقرب سيارات محروقة بدورها.
وكان سكان صباح الجمعة يؤاسون بعضهم البعض, ويقولون "العوض من الله".
ويقول معاوية السدة بينما يتفقّد منزله المحروق, وقد بدت غرفة الاستقبال فيه هيكلا من خشب متفحم, "بعدما أحرقوا ذلك البيت هناك, أتوا الى بيتنا, كسروا النوافذ, أشعلوا قنابل مولوتوف وألقوها داخل البيت".
ويشير الى أن "الهدوء ساد الى حدّ ما بعد دخول الجيش".
وقال سكان من القرية إن الجيش الإسرائيلي دخل القرية بعد ساعة وثلث من بداية الهجوم.
وقال متحدث باسم الجيش إن "عشرات المدنيين الإسرائيليين, بعضهم ملثمون, دخلوا الى... جيت, وأضرموا النار في مركبات وبنى تحتية في المنطقة, وألقوا حجارة وزجاجات حارقة".
وأوضح أن جنودا وعناصر من شرطة الحدود أرسلوا إلى المكان وعملوا على "إجلاء المدنيين الإسرائيليين من البلدة", وأوقفوا أحدهم وقد شارك في أعمال العنف.
- "ما هذه الحياة؟" -
وأظهرت صور كاميرا مراقبة مثبتة في أحد المنازل قدوم مجموعة من المستوطنين الملثمين الى القرية. بدت الشوارع مقفرة. وتظهر الصور المجموعة وهي تلقي بزجاجة حارقة على سيارة متوقفة أمام أحد المنازل فتشتعل فيها النار. ثم يقفز مستوطن فوق سور البيت ويفتح البوابة ويدخل الآخرون باحة المنزل.
ويركض شاب فلسطيني من الاتجاه المعاكس نحوهم ويدعوهم الى الخروج, فيجرونه خارجا ويتجمعون حوله ويلقونه أرضا ويشبعونه ضربا.
ورشقهم شاب فلسطيني آخر بالحجارة ليبتعدوا عنه.
ويقول المدرّس إبراهيم شديدي وهو يدّل على آثار حريق على بيته, "بعد صلاة المغرب, كنت جالسا على شرفتي مع بعض الضيوف, وفجأة سمعنا صوت انفجار ورأينا حريقا". ويدلّ على سيارتين قائلا "كانت النيران تتصاعد من هاتين السيارتين, فبدأنا بالركض, وفتحنا بوابة الدار لنخرج لإطفاء النيران وبدأنا نصرخ. هربوا عندما رأونا قادمين".
ويذكر أن الدفعة الأولى "كانت مكوّنة من حوالى 10 أشخاص فقط".
ويتساءل باسى "ما هذه الحياة التي نعيشها؟".
أما رباح أبو حسن فتتحدّث عن "قرابة تسعين شخصا" رأتهم بينما كانت في منزلها مع أولادها, مشيرة الى أن ابنها تشاجر معهم.
- "إرهاب دولة منظم" -
وذكرت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" في الضفة الجمعة أنه تمّ في قرية جيت "إحراق أربعة منازل وست سيارات", واتهمت "الجيش الإسرائيلي بحماية المستوطنين وإطلاق الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع على سكان البلدة".
وذكرت أن "273 حريقا استهدفت أراضي المواطنين وممتلكاتهم" في الضفة الغربية المحتلة منذ السابع من تشرين الأول, تاريخ يدء الحرب في قطاع غزة.
وسجّلت الأمم المتحدة في الفترة الممتدة من 7 تشرين الأول إلى 12 آب, 1250 هجوما شنها مستوطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين, بما في ذلك 120 هجوما تسبّبت في وقوع إصابات بين الفلسطينيين وألف تسبّبت في أضرار مادية.
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن "الهجوم الجماعي المسلح الذي شنه مستعمرون إرهابيون على قرية جيت شرق قلقيلية هو إرهاب دولة منظم", متسائلة كيف يحشد 100 شخص مع أسلحة "لولا شعورهم بالحماية والدعم سياسيا وقانونيا وأمنيا؟".
وأثار الهجوم إدانات واسعة من مسؤولين إسرائيليين كبار ومن دول عدّة.
ووصفت الأمم المتحدة الهجوم بأنه "مروّع". وقالت المتحدثة باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع "إلى حدّ كبير, نرى إفلاتا من العقاب" في هجمات مماثلة. وأضافت "يجب أن يتوقف هذا".
ويعيش عشرات آلاف المستوطنين في الضفة الغربية في تجمعات تعتبر غير قانونية بالنسبة الى الأمم المتحدة.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة, قتل ما لا يقل عن 633 فلسطينيا برصاص القوات الإسرائيلية ومستوطنين في الضفة الغربية, وفقا لتعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام فلسطينية رسمية.
وقُتل ما لا يقل عن 18 إسرائيليا, بينهم جنود, في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها, وفقا لأرقام إسرائيلية رسمية.