يلعب النظام الغذائي ونمط الحياة دورا كبيرا في ظهور الأمراض أو الوقاية منها, ولكن بالنسبة للكثيرين, إن إجراء تغييرات طويلة الأجل أسهل قولاً من الفعل.
فقد أثبت الباحثون مؤخرا أن تناول نظام غذائي قائم على النباتات لمدة شهرين فقط له تأثير كبير وذو مغزى على عمر الإنسان البيولوجي, وهو أحد المؤشرات الرئيسية للصحة مع التقدم في العمر, بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية BMC Medicine.
وقام فريق من العلماء بفحص "ساعة العمر الجينية", وكيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على الصحة الخلوية على المستوى الجزئي. ففي حين أن تاريخ الميلاد يحدد عمر الإنسان العددي أو الزمني, فإن حالة خلاياه وأنسجته وأعضاء جسمه تمنح قراءة لعمره البيولوجي.
الذهاب للشاطئ.. وأشعة الشمس
وعلى الرغم من أنه لا يوجد الكثير مما يمكن فعله بشأن الأرقام الموجودة على بطاقات أعياد الميلاد والتي تتغير مع كل عام يمر, إلا أنه يمكن التحكم في مدى سرعة التقدم في العمر بيولوجيا.
من جانبه, قال بايل سين, من برنامج الأبحاث الداخلية التابع للمعهد الأميركي الوطني للشيخوخة, والذي لم يشارك في هذه الدراسة الأخيرة: إن "العمليات فوق الجينية تخضع لسيطرة دقيقة في جسم الإنسان, وتتأثر أيضًا بشكل كبير بالبيئة", موضحا أنه تم افتراض أن الشخص "ذهب إلى الشاطئ وتعرض للكثير من الأشعة فوق البنفسجية, فإن مناطق معينة من جينومات خلايا الجلد ستتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية وتؤدي إلى ظهور أعراض ثانوية ربما لا تكون جيدة للبشرة".
مفيدة أو ضارة للصحة
وعلى نحو مماثل, يؤثر ما يتم تناوله من أطعمة بشكل مباشر على جينوم الجسم, حيث يقوم بتشغيل وإيقاف الجينات التي يمكن أن تكون مفيدة أو ضارة للصحة.
بحثت الدراسة, التي أجريت عام 2023, في كيفية استخدام التغذية للتأثير على التعبير الجيني للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وغيرها من الحالات الأيضية والسيطرة عليها. تشارك التعديلات فوق الجينية أيضًا في تحديد أسباب الالتهاب في العديد من الاضطرابات, بالإضافة إلى السمنة وهشاشة العظام والسكري.
في هذه الدراسة الأخيرة, شرع العلماء في قياس مدى تأثير النظام الغذائي النباتي قصير المدى على العلامات البيولوجية للشيخوخة في الجسم, مقارنة بأسلوب الحياة النباتي.
وللقيام بذلك, تم اختيار 21 مجموعة من التوائم المتطابقة, بمتوسط عمر 40 عامًا, وخصصوا لأحدهم نظامًا غذائيا نباتيا صحيًا لمدة ثمانية أسابيع والآخر نظامًا غذائيًا صحيًا يتضمن تناول اللحوم على مدى نفس الإطار الزمني.
واكتشف الباحثون أنه في حين بدأ التوائم التجربة بدرجات أساسية مماثلة, فإن أولئك الذين يتبعون النظام الغذائي النباتي كان لديهم تغييرات كبيرة في العلامات التي تدعم العمر البيولوجي عند علامة الثمانية أسابيع.
كما لاحظوا تغييرات كبيرة باستخدام ساعات العمر الجينية بين التوائم المتطابقة الأصحاء, مما يشير إلى فوائد قصيرة المدى لنظام غذائي نباتي مقيد السعرات الحرارية مقارنة بنظام غذائي يعتمد على اللحوم والأسماك.
أكثر شبابا بيولوجيا
وبشكل عام, شهدت المجموعة, التي تلقت نظامًا غذائيًا نباتيًا انخفاض في عمرها البيولوجي بمعدل 0.63 سنة (أو ما يزيد قليلاً عن 7.5 شهرًا) في ثمانية أسابيع فقط.
كما كان هناك انخفاض في العمر البيولوجي لكل شخص مقارنة بعمره الزمني, والذي يعادل 0.0312 وحدة. في الأساس, يُترجم هذا إلى أن هؤلاء المشاركين أصبح لديهم أعمار بيولوجية أقل مما هو متوقعًا من شخص في عمرهم الزمني.