300 هكتار من الأراضي اشتعلت في عكار منذ بداية موسم الحرائق, فيما يتعرّض وادي جهنم للإبادة مع اندلاع حريق كبير منذ ثلاثة أيام أتى على 50 هكتاراً من الأشجار الحرجية (أرز ولزاب وشوح وبطم وسنديان…) حتى الآن, بسبب إطلاق شاب للرصاص على الغابة مباشرة, بحسب عثمان طالب من مجموعة "درب عكّار".
لا حصيلة نهائية للمساحات التي سيأكلها الحريق الذي خرج عن السيطرة منذ اليوم الأول لاندلاعه لأسباب عدّة, أولها وعورة المنطقة, ما يحول دون الوصول إلى مكان الحريق سريعاً, وثانيها اتجاه الرياح وسرعتها التي تعاكس عمليات الإنقاذ, إضافة إلى سبب آخر مزمن يتعلق بضعف إمكانات أجهزة الإطفاء.
لذلك, لم تنجح المهمة في الوادي, وتوقف متطوّعو الدفاع المدني وفريق درب عكار وغيرهم عن العمل, وتُرك الأمر لطائرات الجيش, رغم أنها غير مجهّزة لإطفاء الحرائق,
وفق الدكتور شادي عبدالله, مدير المركز الوطني للمخاطر الطبيعية والإنذار المبكر في المجلس الوطني للبحوث العلمية.بالتجربة وبالعلم, أي حريق إن لم يتمّ التدخّل سريعاً لإطفائه في الدقائق العشر الأولى, "سيكون من الصعب السيطرة عليه بعد 15 دقيقة", يقول عبدالله. وهو ما حصل مرات عدة في الوادي الذي احتل المرتبة الأولى هذا العام في مجموع المساحات التي احترقت "بسبب طبيعة المنطقة, مع كثافة المساحات الخضراء وسهولة تمدد الحرائق فيها وسرعة الرياح الأقوى من بقية المناطق", يقول عبدالله, رغم أن منطقة جبل لبنان تحتل المرتبة الأولى في عدد الحرائق بنسبة 25%, فيما تحتل عكار المرتبة الثانية بنسبة 13%.
التقديرات حتى الآن تشير إلى احتراق 50 هكتاراً في وادي جهنم, إلا أن الحصيلة النهائية تنتظر إطفاء الحريق, لمعرفة ما إذا أتى على غابات كاملة.
احتراق 50 هكتاراً في الوادي والحصيلة النهائية تنتظر إطفاء الحريق
من دون احتساب ما تسببت به الاعتداءات الإسرائيلية على المساحات الحرجية والخضراء في منطقة الجنوب, وصل عدد الحرائق في لبنان حتى مطلع آب الجاري إلى 3020 حريقاً, منها 703 في الغابات.
وكان لشهر حزيران, وهو أول أشهر الموسم, الحصّة الكبرى بـ 1700 حريق, مقابل 700 حريق في تموز. وإذا كان العام الماضي شهد رقماً قياسياً بـ 4276 حريقاً, يبدو الموسم الحالي "واعداً", خصوصاً أنه يمتدّ حتى تشرين الثاني.
ولذلك, قد يلامس الرقم هذا العام حصيلة العام الماضي, بسبب الحرارة المرتفعة والتغيّرات المناخية والعوامل البشرية التي تتسبب بالعدد الأكبر من الحرائق.
فليست كل الحرائق التي انتهت بإبادة غابات تسببت بها عوامل الطبيعة وتغيّرات المناخ, ويظهر الرصد على مدى سنوات طويلة أن "ثلاثة أرباع الحرائق التي تندلع, سببها عامل بشري, سواء بقصد جرمي أو للإيذاء أو للتحطيب في غالب الأحيان".
وهذا سببه "غياب الدولة", يقول طالب, و"قلّة الأمن وعدم صيانة الآليات في مراكز الدفاع المدني وتقاعس الوزارات المعنية", إذ لا تكفي الخطط ولا القوانين المكتوبة للتقليل من أعداد الحرائق, وإنما "العبرة في التنفيذ", يتابع عبدالله, وإلا "ماذا يعني إقرار ضابطة عدلية بيئية إن لم تصدر المراسيم التنفيذية؟ وإذا لم يُدرّب أشخاص معنيون على إجراء تحقيقات على شاكلة التحقيقات الجنائية لتجريم متهمين وتطبيق العقوبات؟".
المصدر : راجانا حمية ـ الأخبار