7000 حالة طلاقٍ تُسجل في لبنان تقريباً كل سنة, في واقعٍ لا يمكن اعتباره عادياً بتاتاً باعتبار أنّ الأطفال سيكونون أبرز الضحايا.
ما يظهر هو أنَّ الطلاق بات "موضة طبيعية" داخل المجتمع اللبناني, فهو إلى تزايد بشكلٍ كبير لأسباب عديدة أبرزها اقتصادية ومالية ناهيك عن ضعفٍ في التفاهمات العائلية.
جوارير المحكمة تفجّرت
بعبارة "جوارير المحاكم تفجّرت", يتحدّث مصدر قضائي لـ"لبنان24" عن حال دعاوى الطلاق داخل المحاكم, إذ يقول بأنّ المحاكم تشهد بشكل يومي وصول مئات ومئات الدعاوى, التي تتكدس فوق آلاف أخرى.
وبحسب أرقام حصل عليها "لبنان24", فقد ارتفعت نسبة الطلاق بشكل مستمر ومتواتر منذ 12 سنة وحتى اليوم. فعلى سبيل المثال, بلغت نسبة الطلاق عام 2012, 17%, وارتفعت إلى 20,5% عام 2016, واستمرت بالصعود إلى 23% عام 2020, لتسجل عام 2023 نسبة 26.5%, ما يعني أن ربع اللبنانيين الذين تزوجوا أتخذوا قرار الطلاق.
هذه الأرقام, وضعت لبنان في مراكز متقدمة بين دول المنطقة العربية, وبحسب دراسة عربية, فقد تصدّرت الكويت المركز الأول, يليها مصر, والاردن, وقطر, ثم لبنان.
وتشير الارقام إلى أن حالات الطلاق بلغت قبل الازمة وتحديداً عام 2018, 7995 حالة طلاق, لترتفع عام 2023 إلى 8541 حالة طلاق. وبالمجمل وصلت حالات الطلاق داخل لبنان منذ بدء الأزمة إلى 38,718 حالة طلاق خلال 4 سنوات تقريبا.
خبيرٌ نفسي يتحدث عبر "لبنان24", شارحاً العوامل التي تؤدي إلى اتخاذ قرار الطلاق, منها اضطرار رب العائلة إلى البقاء بعيداً لساعات طويلة عن العائلة لتأمين المعيشة, وأضاف: "أيضاً, فإن عدداً كبيراً من النساء في لبنان يعتبرن بأنهن لسن بحاجة إلى رجل لتدبير أمورهن بالرغم من وجود أولاد. ولهذا السبب, فإن عدداً كبيراً من النسوة يرفضُ تحكم الأزواج بهنّ, وقررن أن يستكملن حياتهنّ بشكل مُستقل".
من هنا, يشير المصدر القضائي لـ"لبنان24" إلى أن المفاجأة الجديدة من نوعها التي تشهدها المحاكم اليوم تتلخص بتخلي النساء عن الاولاد, وعدم الدخول في المشاكل التي قد تسببها عائلة الرجل لناحية الاحتفاظ بالأولاد, إذ كانت هذه النقطة تعتبر فخاً تسقط فيه النساء لناحية التراجع عن طلب الطلاق.
ويشير المصدر إلى أن النساء في السابق كنَّ يخفن من الدخول في متاهة القضاء فيما المماطلة كانت تحصل بشكل كبير, لكن الأمور اختلفت تماماً الآن وباتت النساء تطلب الطلاق بشكل كبير.
وعلى الرغم من إبداء العدد الأكبر من القضاة الشرعيين ضرورة تطوير قوانين الحضانة, إلا أن الامر لم يتم ولن يتم حسب العديد منهم, وطالما أن هذا الوضع لا يزال قائما, فالاعتماد على 15 قانونا منفصلا للأحوال الشخصية للطوائف الدينية المختلفة سيبقى على حاله.
كذلك, تؤكّد الدراسات المختلفة التي اطّلع عليها "لبنان24" أن جميع النساء واجهن عقبات قانونية وغيرها عند إنهاء الزواج بسبب هذه القوانين, هذا عدا عن التهويل بالأولاد ومنعهن من رؤيتهم, بالاضافة إلى الحقوق المالية المجحفة بحق العديد منهن.
بالتوازي, يؤكّد المصدر القضائي أنّ حالات الانفصال في لبنان لا تتوقف فقط عند الزوجين, لا بل إن حالات انفصال أخرى تقدّر بالآلاف سنويا تتم خلال مرحلة الخطوبة, قبل إتمام الزواج.
وبالرغم من أنه لا أرقام رسمية حول حالات الطلاق, إلا أن العلاقات المتشرذمة داخل المجتمع توضح الحالة المتهالكة لمؤسسة الزواج في لبنان.
كذلك, تبرز قضية وسائل التواصل الاجتماعي, وقد اعتبرها المصدر من أكثر الوسائل تأثيراً, والتي ساهمت بشكل واضح وصريح بتسريع عملية لطلاق, إلى حد بات عدد كبير من النساء يتخلين عن حقوقهن فقط لتسريع الطلاق.
ويوضح الخبراء أن الخيانة من هذه الزاوية تتفشى داخل المجتمع, وازدادت بشكل لا يصدق بسبب التفلت الحاصل على مواقع التواصل.
الزواج ينخفض
ومقابل الطلاق, انخفضت أعداد الزيجات في لبنان, إذ سجّلت أعوام الأزمة انخفاضا ملحوضًا لأول مرة منذ عام 2009.
بحسب أرقام وزارة الداخلية, تراوحت أعداد الزيجات سنويا في لبنان بين 35 ألف حالة زواج و 40 ألفا. فمثلا, شهد لبنان عام 2009, 38857 حالة زواج, وسجّل عام 2013 أكبر معدل في حالات الزواج حيث وصل الرقم إلى 40,232 حالة زواج.
واستمرت الارقام بالدوران في هذا الفلك إلى حدّ أعوام الأزمة, أي من أواخر عام 2019 وحتى اليوم, في حين أن المعطيات توضح أن عدد حالات الزواج انخفضت من 34 ألف زيجة عام 2019 إلى 29 ألف زيجة عام 2020, ولتصل العام الفائت إلى 30 ألف زيجة, إلا أن الأرقام لا تزال منخفضة بالنسبة إلى سنوات الرخاء.
هذه الارقام تؤكّد أن مؤسسة الزواج في لبنان مهدّدة بالتصدع أكثر فأكثر, إلا أن الازمة الأساسية التي تبرز في هذا السياق هي حالة الاطفال الاجتماعية الذين يعتبرون الخاسر الأكبر, وهذا ما تحذّر منه الجمعيات بشكل دائم ومستمر.
لبنان ٢٤