عارٌ على جبين الأمم المتحدة أولاً, والسلطات كافة في كل دول العالم, وعلى كل المُمسكين بالملفات المالية والاقتصادية والمعيشية في أي مكان, النتيجة الواردة في تقرير أممي من إعداد منظمة الفاو, والصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة, ومنظمة "يونيسيف", ومنظمة الصحة العالمية, وبرنامج الأغذية العالمي, والتي تقول إن القضاء على الجوع بحلول عام 2030 يبدو احتمالاً مستحيلاً على نحو متزايد.
الحجج كثيرة لتبرير مثل تلك النتائج في كل مكان. فكلّ شيء يُلصَق بالصراعات والحروب, وبالأزمات الاقتصادية, كما لو كانت شبحاً, وكأن الدول والسلطات العليا السياسية والاقتصادية والعسكرية في أي مكان لا تقف خلفها. هذا الى جانب تغيّر المناخ الذي بات ذريعة تُلصَق بأي شيء, لتبرير الانهيار وسوء الأوضاع والأزمات والمشاكل الكثيرة, حول العالم.
في كل مكان...
والأنكى من ذلك, هو أن لا خجل لدى الدول من كل تلك التقارير, ولا حتى من التلميح الى توقّعات أسوأ للمستقبل, وذلك بشروحات وتبريرات كثيرة. كما أن لا خجل لدى السلطات في أي مكان من وضع العصي في دواليب أي أمل لاجتثاث الفقر والجوع بشكل فعلي ونهائي.
في الواقع, المسألة لا تقف عند حدود أفريقيا ولا بعض دول آسيا, لأن الفقر موجود في كل مكان, والمستتر منه أكثر من الظاهر. فالفقر هو واقع ملموس في أكبر بلدان العالم, وفي أكثر الدول الغنية والنفطية, وذلك بمعزل عن أن تلك الدول لا تعترف بذلك, وتحاول أن تعتّم على تلك الجوانب المُظلِمَة لديها, وهي تدفع المال من أجل التعتيم عليها في كل التقارير العالمية.
المليارات
بمعزل عن أي شيء, فإن جزءاً أساسياً من وقاحة تلك التقارير هي في تصويرها الفقراء والضعفاء وكأنهم مجرّد أرقام, ومن دون أي ذكر للأسباب الحقيقية التي تتسبّب بتجويعهم وتفقيرهم وإضعافهم, وهي المليارات والمليارات التي ينفقها أكبر الشخصيات والأقطاب في كل دول العالم, بحثاً عن مصالحهم الخاصة, و"عا ظهر" أضعف الضعفاء.
ومن الأسباب الحقيقية التي تتسبّب بتجويعهم, هي إنفاق كل الدول المليارات والمليارات على أبحاث وصناعات عسكرية تغذّي الصراعات والحروب وقتل الناس, و(تغذّي) صادرات وتصدير الأسلحة, واقتصادات كاملة تقوم على أرباح غير نظيفة, من المُفتَرَض أن تُصنَّف غير شرعية, ولكنها تتمّ بعلم وصمت من أكبر الصناديق والمؤسّسات المالية الدولية.
الأفعى...
هناك من يجوعون في عالمنا ليلاً نهاراً, لأن هناك من يشبعون زيادةً عن اللّزوم أيضاً, ليلاً ونهاراً, والى درجة "الفَجَع" والجوع الدائم لتكديس الثروات. هناك من يجوعون بسبب "بطرانين" يعيشون على حساب "معتّرين", وهذا هو السبب الرئيسي لكل أنواع المشاكل الحياتية في هذا العالم.
مشكلة البشر في عالمنا هي البشر أنفسهم, والحروب التي "يُبدعون" في صناعتها, والأزمات المناخية والمعيشية والحياتية التي "يتفنّنون" في إحداثها, والمدعَّمَة بشروحات كثيرة كاذبة. ومن هذا المُنطَلَق, تُصبح الأفعى نفسها أرحم من اجتماعات كبار هذا العالم داخل الغرف المُغلَقَة في الليالي حالكة السّواد.
أنطون الفتى - أخبار اليوم