طرق الموت في لبنان تواصل حصد الأرواح, هذه الطّرقات تغيب عنها أبسط قواعد السّلامة المطلوبة, لجهة سوء التخطيط أحيانًا وغياب الإضاءة والخطوط البيضاء غالبًا, كذلك لجهة نوعية الإسفلت السّيئة والحفر التي تملأ الطريق على طوله, وأيضًا لجهة غياب الدعائم الوسطية الفاصلة بين جهتي الطريق وتلك الجانبية التي تحمي السّيارات من الانزلاق خارجه.
والجدير بالذّكر أنّ هذه الطرقات ليست المسبّب الوحيد للحوادث بل تقع المسؤوليّة أيضًا على سائقي السّيارات الذين يقودون عكس السير لتجاوز الازدحام إلى ما هناك من مخالفات جسيمة يقومون بها والقيادة العشوائيّة وعدم الالتزام بخط المسار, هذه الأسباب بمجموعها تساهم في زيادة عدد الحوادث على اختلاف أنواع السّيارات المصطدمة واختلاف درجة خطورتها.
ومن أبرز الأمثلة على حالة الطرق في لبنان, حجم الإهمال الذي يطال طريق الأوتوستراد العربي في البقاع الأوسط الذي يُنذر بخطر كبير على سلامة كل من يسلكها.
فالأوتوستراد وإن كان يعمل بالاتّجاهين لكن السّيارات تسلكه من جهة واحدة, وذلك بسبب غياب أي الإرشادات للسّائقين عليه أو تنظيم للسّير وتحويلاته. وعلى إثر تكرار الحوادث القاتلة عليه, سيّما وأنه لم يُكتمل العمل به ولا زال طريقًا ليس شرعيًّا, أصدر وزير الداخلية بسام المولوي قرارًا مرسَلًا إلى المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي, لتكليف القطاعات المعنيّة اتّخاذ التدابير الّلازمة لمنع حصول هذه المخالفات, فالسّلامة المروريّة ملف لم يعد يحتمل التأجيل, لأنه يحصد الكثير من الضحايا نتيجة غياب الوعي الكافي لدى النّاس.
والحادث الذي حصل منذ أيام خير دليل على ذلك, بحيث قضت هند علي يوسف في حادث سير وقع على الأوتوستراد العربي عند نهايته لجهة بلدة مجدل عنجر, وفي التفاصيل أنها فقدت السيطرة على سيارتها واصطدمت بحاجز إسمنتي مما أدّى إلى وفاتها على الفور.
في هذا السّياق, تحدّثت جريدة الأنباء مع محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة حول حوادث السّير التي تحدث على الأوتوستراد العربي, وقال: "إنّ المحافظة تتابع هذا الأمر بشكلٍ حثيث وقد قامت مفرزة سير زحلة بكتابة تقرير عن وضع الطريق في ١٩ - ٩ - ٢٠٢٢ وأرسلَته إلى قيادة المنطقة, ثمّ أُرسل لي كمحافظ, وقُمت بدوري بإرساله إلى مجلس الإنماء والإعمار ووزارة الأشغال في ٢٢ - ٩ - ٢٠٢٢, وأتاني الرَّدُّ من مجلس الإنماء والإعمار بعد شهر تقريبًا في ١٩ - ١٠ - ٢٠٢٢ , في حين أنَّ وزارة الأشغال لم ترسل أي ردٍّ, لذلك عاودت إرسال التقرير ذاته في ١٠-١١ -٢٠٢٢ ولم أتلقَ أي ردٍّ لغاية الآن".
وتابع: "نحن في انتظار الرَّدِّ المناسب لنبني على الشيء مقتضاه, فإمّا إقفال هذا الطريق, وامّا إصلاحه وتنظيم السّير عليه بشكلٍ صحيح".
كما أصدرت المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي بلاغًا بأنها سوف تُباشر بحملة واسعة تهدف إلى التشدّد في قمع مخالفات السّير والحدّ من الحوادث الناجمة عنها.
وفي هذا الصّدد, أكدت مصادر أمنية عبر "الأنباء" "أنه منذ سنتين والقوى الأمنية تقوم بضبط المخالفات على هذا الطريق لكن دون جدوى, فيستمرُّ المُواطنون بالمرور عكس السير رغم المحاضر التي تحرّر بحقّهم, ورغم خطورة العبور بشكلٍ معاكس, إضافة إلى معرفة الناس بفظاعة الحوادث التي حصلت على هذا الطريق وعدد الضحايا الذين سقطوا كجرحى أو كقتلى عليه".
وأضافت المصادر: "إنّ الحلَّ الوحيد في توعية الناس وتثقيفهم تجاه المخاطر التي يسبّبها المرور عكس السير, ووزير الدّاخلية يتعمّد إرسال الأوامر لضبط المخالفات من أجل التشدّد في الحدّ منها".
يشارك المُواطن الدّولة في الفوضى, فحيث تهمل الدّولة واجباتها, يؤكّد اللّبناني حبّه للفوضى ومخالفة القانون, ومن أجل الوصول إلى وجهته قبل دقائق قد لا يصل أبدًا, ويهدّد حياة غيره ممّن يعبرون الطّرق العامّة.
أماني النجّار_ الأنباء الالكترونية