بين التحذيرات الديبلوماسية, والمواعيد المضروبة للحرب الإسرائيلية على لبنان في النصف الثاني من الشهر الحالي, وفق صحيفة "بيلد" الألمانية, تثير المعطيات الميدانية القلق الشديد من أن تكون دعوة السفارات لرعاياها بمغادرة لبنان فوراً, تأتي استباقاً لسيناريو امتداد النار من غزة إلى لبنان.
وإذ يقرّ الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب, بأن الإستعدادات الإسرائيلية كما يدعي العدو مستمرة من خلال إخراج بعض الفرق العسكرية من غزة إستعداداً لإرسالها إلى الشمال والتهديدات التي يطلقها قائد سلاح الجو, وحديث إيهود أولمرت عن الإتجاه لدى إسرئيل بأن "تفني" لبنان.
وحول ما يمنع تحريك جبهة لبنان, يقول العميد ملاعب في حديث ل"ليبانون ديبايت", إنهما عاملان, الأول, هو اليوم التالي إذا ما فتحت إسرائيل النار ووسّعت الجبهة لأنها ستواجَه بتوسيع أعلى, وهذا ما لم تكن تتوقعه إسرائيل, لأنها في السابق كانت هي من تقضي على التصعيد بالتصعيد بعشرة أضعاف, فإسرائيل أصبحت اليوم كأوكرانيا بحاجة للعتاد والسلاح والذخائر والصواريخ لمتابعة أي حرب قد تشنّها, لذلك وبعد الدعم الأميركي, لم يعد القرار لدى إسرائيل وحدها, إنما تشاركها فيه واشنطن, ولذلك, ليس بمقدورها أن تتخذ قراراً منفرداً بالحرب, مهما كانت قدرة اللوبي اليهودي في أميركا قوية.
وعن قول الرئيس بري "نحن أمام شهر صعب", يرى العميد ملاعب, أنه من غير الواضح ما سيفعله نتنياهو قبل ذهابه إلى الولايات المتحدة, فهل يخوض الحرب ويذهب ليستنجد بالأميركي, أم من الممكن أن يورِّط نتنياهو الولايات المتحدة في حرب إقليمية في المنطقة للدفاع عن إسرائيل, وبالتالي, هذا ما يحلم به نتنياهو وهو الدخول الأميركي على الخط, لأنه من الممكن أن يقضي على التهديد القادم من الشمال وتهديد محور المقاومة.
وهنا, يسأل ملاعب عن المدى الذي يمكن أن تتجاوب فيه الولايات المتحدة مع هكذا طرح يميني إسرائيلي, وما إذا كان حراك المعارضة داخل إسرائيل لإسقاط هذه الحكومة شنّ الحرب, أو سيتم الخضوع للرؤية الأميركية لجعل إسرائيل مقبولة في المنطقة, وأن تكون هناك حكومة تعترف بالأرض الفلسطينية, أو أنه سيكون هروب إلى الأمام بواسطة نتنياهو قبل ذهابه إلى الكونغرس من أجل تفجير الجبهة, وتوريط الولايات المتحدة بدعم إسرائيل.
ومن ضمن هذا السياق, فإن خرق جدار الصوت فوق بيروت وعلى علو منخفض, يرى فيه ملاعب محاولة إسرائيلية لتحقيق هدفين, أولاً: إرباك المناطق خارج إطار الميدان المفتوح وإثارة الناس ضد بيئة "حزب الله" وبيئة "المقاومة", وثانياً: إثارة الرعب لدى كل الذين ما زالوا في المدن الآمنة والوافدين الجدد إلى لبنان, وإثارة جو الرعب والخوف من قدرة الطيران الإسرائيلي.
كما أن الطيران الإسرائيلي يحاول من خلال التحليق المنخفض, يضيف ملاعب, هو استدراج رد معين حتى يستكشف بالنار أماكن الدفاعات الجوية الموجودة لدى "حزب الله", لأن الحزب حتى الآن لم يستخدم دفاعاته الجوية إلا على المسافات القريبة والمتوسطة, ويمكن أن يكون لديه دفاعاً جوياً على مستوى أعلى, ويحاول أن يستكشف العدو الإسرائيلي هذا الوضع .