استفاد مَن استفاد من "صيرفة", ويُمكن القول إنّ قسماً كبيراً من اللبنانيين فعل ذلك. وبعد إقفال ملفّ صيرفة وانهاء العمل بها, تدارك المسؤولون ما حصل, متأخّرين كالعادة, فقرّروا فرض ضرائب على من استفادوا.
في هذا السياق, أصدر وزير الماليّة الآليّة التطبيقيّة للمادّة 93 من قانون الموازنة العامّة للعام 2024, وحدّد فيه دقائق تطبيقها وفق الآتي:
- يتمّ جمع كلّ العمليات التي نفّذها الشخص (الطبيعي أو المعنوي) اعتبارًا من تاريخ تعميم مصرف لبنان الرقم 161 الصادر في 16/12/2021 لغاية نهاية العام 2023.
- يُعتبر مشمولًا بالضريبة من تجاوز مجموع مشترياته من الدولار مبلغ 15000 دولارًا في الفترة المذكورة 2021-2023.
- تُلزم المصارف ومؤسّسات الصيرفة بتزويد الإدارة الضريبيّة "إلكترونيا" بمعلومات عمليّات الصيرفة التي تمّت لديها.
- يُحدّد الرّبح الخاضع للضريبة بأنّه الفرق بين القيمة بالليرة التي دفعها الشخص مقابل الدولارات التي نالها وقيمة تلك الدولارات محتسبة وفقًا لقيمتها الفعليّة بالليرة وفق منصة صيرفة بتاريخ تنفيذ العمليّة.
- تُستثنى من هذه الضريبة الفروقات المرتبطة بالرواتب والأجور التي نتجت عن عمليّة شراء الدولارات.
- لا تُعتبر هذه الضريبة من الأعباء القابلة للتنزيل.
وبناءً عليه, تمّ استثناء موظفي القطاع العام الذين حوّلت رواتبهم على منصة صيرفة, وستُفرض الضريبة على من استفادوا بأكثر من 15 ألف دولار. هنا يلفت الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة, عبر موقع mtv, إلى أنّه من غير المعروف كيف تمّ تحديد مبلغ الـ15 ألف دولار. وهناك سؤالان أساسيّان يُطرحان, وفق عجاقة, أوّلهما هل الدعم الذي قرّرته الحكومة للقطاعات الاقتصادية كقطاع المواد الغذائية أو المحروقات أو غيرها مشمول في هذا القرار؟! فالحكومة هي من اتخذت قرار الدعم في حينه.
أمّا ثانياً, ففي الـ2020 ألزمت حكومة حسان دياب مصرف لبنان بإعطاء 200 دولار للمواطن على سعر صرف 1500 ليرة مع العلم أن سعر الصرف في السوق كان يبلغ حوالى 4 آلاف. والسؤال هنا, لماذا تمّ استثناء هذه المرحلة من دون غيرها.
لذا, يؤكّد عجاقة أنّ هذا دليل على أنّ هناك أموراً لا تزال غير واضحة في هذه الآلية ولا تزال تحتاج إلى مزيد من التوضيح. فمن غير الواضح أيضاً ما إذا كانت ستُدفع بالليرة اللبنانية أم بالدولار, كما أنّه لم يتم تحديد ما إذا كانت هذه الضرائب قابلة للتقسيط وكيف سيتم استردادها, وما سيحصل لمن لا يلتزم بالدفع. فالاقتصاد اللبناني بمعظمه اقتصاد كاش ما يجعل من الصعب على الدولة أن تقوم بملاحقة بعض الأشخاص.
هذه الضربية, في حال طُبّقت, قد تُعيد أرقاماً كبيرة للدولة لكنّ الأهمّ هو هل الدولة, في ظلّ ما تُعانيه, قادرة على تطبيقها على أرض الواقع؟
مصادر مطلعة تجزم أنّ هذه المادة لن تُطبّق وستبقى حبراً على ورق. بدوره أيضاً, يعتبر عجاقة أنّه يجب معرفة ما إذا كانت الحسابات السياسية أقوى من هذا القرار لدرجة أن توقفه لاستحالة تطبيقه.
موقع mtv