مع قرع طبول الحرب واستنفار عواصم القرار الغربية لمنع اتساع رقعة النار من المناطق الحدودية إلى كامل الجغرافيا الجنوبية, ترتفع المخاوف من التداعيات المباشرة لأي مواجهة على الموسم السياحي الواعد, بعدما تجاوزت خسائر القطاع السياحي منذ اندلاع حرب غزة إلى اليوم المليار دولار.
فالإقتصاد اللبناني, وحتى الساعة, هو الإقتصاد الأكثر تضرراً من حرب غزة, من كل اقتصادات المنطقة. فتداعيات الوضع الأمني على أداء الإقتصاد الذي يواجه ركوداً منذ انهيار القطاع المصرفي في العام 2019, يضاعف التحديات الإقتصادية على كل القطاعات وبشكلٍ خاص على القطاع السياحي الذي بدأ يشهد مؤشرات ملموسة للنهوض وتسجيل أرقام قياسية هذا الصيف.
وعلى الرغم من أن أستاذ الإقتصاد الدكتور جاسم عجاقة, يحمّل الاستحقاقات الإقليمية, جزءاً من المسؤوليةً في عملية الانهيار إلى جانب الدور المحوري للأداء السياسي المحلّي, فإن ما ينتظر لبنان, في القادم من الأيام, سيكون مختلفاً عن كل ما واجهه في المراحل السابقة.
ويكشف الدكتور عجاقة, عن أن منع الحلول الإقتصادية والمالية الإنقاذية على امتداد السنوات الأخيرة, أدى إلى تعميق الأزمة وإلى زيادة نسبة ارتهان لبنان للخارج.
وبالتالي, يعتبر عجاقة, أن المواجهة العسكرية على الحدود الجنوبية, ترفع منسوب الضغط الإقتصادي والمالي والصحي بسبب ضعف المقوّمات المعيشية والاقتصادية والبنى الضرورية لقيام الحروب, فالحرب بحاجة إلى ملاجئ وأمن غذائي وبنية تحتية صحّية قادرة على مواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل.
ولكن ماذا عن الإرتدادات على المواطنين؟
يجيب الدكتور عجاقة, بأنه إلى جانب تردّي الوضع المعيشي وتراجع الحركة الإقتصادية وضرب الحركة السياحية وبالتالي تآكل الإقتصاد وزيادة الضغط على الليرة, ومنع المستثمرين من اتخاذ قرارات استثمارية في جميع الأراضي اللبنانية وليس فقط في الجنوب, فإن الأخطر سيكون بالضربة القاضية التي ستوجهها الحرب إلى لبنان وهي الإقصاء عن الخارطة الإستراتيجية الاقتصادية الإقليمية لمصلحة العدو الإسرائيلي.
لكن عجاقة, يتحدث في هذا السياق, عن دور محلي في هذا الإقصاء, وهو الفساد المُستشري وضعف السياسات الاقتصادية بالتوازي مع الإنزلاق إلى الصراعات الإقليمية, ما يجعل من سيناريو التطورات السلبية على الإقتصاد اللبناني, بالغ السوداوية, ويغلب فيه الإحتمال أن تكون أيام الصيف قاسية إقتصاديًا ومعيشياً وحتى مناخياً على لبنان.