تتزاحم المباردات من أجل إحداث ثغرة ولو بسيطة في جدار أزمة انتخاب رئيس للجمهورية, ولكنها تبقى دون القدرة على إحداث هذا الخرق, فما الذي يدفع المبادرين إلى خوض هذه التجربة, هل لتبييض صفحتهم أمام قاعدتهم, وتأمين حصّتهم من أي تسوية مقبلة؟ وماذا عن حراك فرنجية وموقف حزب الله؟
يشبّه الكاتب والمحرر السياسي ابراهيم بيرم في حديث إلى "ليبانون ديبايت" مبادرة التيار الوطني الحر ببقية المبادرات التي تهدف إلى خلق حيثية معينة لاصحابها, ويستعين بعنوان إحدى الروايات "موسم الهجرة إلى الشمال" ليقول أنه موسم الهجرة إلى المبادرات في لبنان, فليس عن عبث أن تتكرّر المبادرات للحزب الإشتراكي وقبلها لكتلة الإعتدال واليوم للتيار, فلذلك هو موسم المبادرات في إطار ملاقاة المرحلة المقبلة, والتحضير لفرض الشروط والمطالب للـفرقاء وموقعهم ودورهم.
وينبّه إلى كلمة لافتة للنائب حسن فضل الله حول أن هذه المبادرات لن تؤدي إلى شيئ جديد, بمعنى أنها لن تفضي إلى نتيجة ما.
ويعتقد أن من يشجع على هذه المبادرات هو الرئيس نبيه بري الذي يستقبل المبادرين ويستفيد من هذه المبادرات لأمرين:
أولاً: لتطويق من وضع نفسه في مواجهته أي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع, ويثبت له وللآخرين أن كل الناس تريد الحوار والتشاور إلا هو, بمعنى إحراجه.
وثانياً: القول أن الرئاسة غير متروكة وهناك حراك بهذا الإتجاه, وليس صحيحا أنه يقمع أو يمنع انتخاب رئيس جمهورية بل استقبل واستمع ويحاور ويناقش ولديه الحرص أن ينتخب رئيس اليوم قبل الغد.
وهذه المبادرات برأيه تعطي الرئيس بري حيوية وبراءة ذمة بنفس الوقت, فكل الأطراف الذين أرسلوا جمالهم إلى قافلة المبادرات مستفيد من هذه اللعبة التي تساعد على تقطيع الوقت وحجز مكان في المرحلة المقبلة وأن يظهر كل طرف أمام فريقه وقاعدته أنني لا أقف مكتوف اليدين بل أحرك الملف الذي يهمكم.
ويوضح أنه لا يمكن للأفرقاء اللبنانيين الوقف على حياد فإما أن يصدر عن الحوار شيئاً ما أو يحصلون على براءة ذمة وهم بالتالي مضطرون أن لا يبقوا صامتين.
أما عن ربط الرئاسة بغزة فيذكر أن الشغور الرئاسي حصل قبل حرب غزة بمدة طويلة وقد عقدت أكثر من عشر جلسات انتخاب ولم ينتخب رئيس, ولكن جاءت هذه الحرب حجة إضافية حتى يتم التستّر على أن الأمور مرتبطة بغزة وأن حزب الله يربطها بغزة رغم أن الأخير أعلن أنه لا يربط الرئاسة بالحرب.
ويلفته الكلام الأخير لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية حيث استشفّ منه أن التسوية ستكون لمصلحته ومصلحة فريقه, بناء على 3 أمور:
- الفريق الآخر عاجز عن تسمية شخص واحد.
- الفريق الممانع متمسّك به ولم يتخلَ عنه يوماً ويعلن ذلك كل يوم.
- هناك من يقول أن هناك محور سينتصر الذي هو محور المقاومة وهو ربط نفسه بهذا المحور.
ويرى أن فرنجية الذي يتحرّك بشكل لافت اليوم على ما يبدو أنه يمتلك مؤشرات بأنه سيكون المرشح الأوفر حظاً, لا سيّما بعد ما تم طرحه حول الخيار الثالث الذي طرحته اللجنة الخماسية بكل أعضائها وتخلي الفرنسيين عنه, وظهر حينها أنه خارج السياق, لأنه تأكد له اليوم أن القصة مختلفة تماماً وأن فريقه يقاتل في كل الإقليم في غزة وغيرها مصمم عليه وهذا جزء من المكسب له, لأن هذا الفريق إذا لم يأخذ الرئاسة سيعتبر نفسه خاسراً حتى لو ربح معركة الإقليم.