تشهد حالات السعال الديكي انتشاراً ملحوظاً خصوصاً في أوروبا, مما دفع السلطات الصحية والعلماء للدعوة إلى اليقظة والتطعيم بعدما كان النسيان يلفّ هذا المرض الناجم عن بكتيريا تتسبب بالتهابات قد تكون حادة في الجهاز التنفسي.
ما هو السعال الديكي؟
يحدث السعال الديكي (أو الشاهوق) بسبب نوع من البكتيريا تُسمى اﻟﺒوردﻴﺘﻴﻟﺔ اﻟﺸﺎﻫوﻗﻴﺔ, تسبب التهابا تنفسياً شديد العدوى ويدوم طويلاً. وتُعدّ نوبات السعال المتكررة والمطوّلة العارض الرئيسي للمرض.
تنتقل العدوى عن طريق الهواء بسهولة شديدة, ويسري المرض من شخص لآخر بواسطة استنشاق القطيرات المصابة بعدوى أي الرذاذ الصادر عن المريض, ويحصل ذلك داخل الأسرة أو في الأماكن التي يجتمع فيها عدد من الأفراد.
يتسبب كل مريض بنقل العدوى إلى ما معدّله نحو 15 شخصاً آخر. وتستمر فترة الحضانة في المتوسط من 9 إلى 10 أيام. ثم تبدأ الأعراض السريرية للمرض بطور نزلي يتلوه سعال انتيابي وينتهي بسعال مستديم وشهقة.
قد يشكّل السعال الديكي خطراً على الرضّع, إذ قد يترافق النوع الحاد منه مع ضيق تنفس وتدهور عضو واحد أو أكثر.
يُعَدّ الأشخاص الضعفاء (مرضى الجهاز التنفسي المزمنون, والأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة, والنساء الحوامل) عرضة للخطر أكثر من سواهم.
قلّما يؤدي السعال الديكي إلى وفيات, لكنّها قد تحدث خصوصاً في صفوف الرضّع غير المطعّمين.
ما مدى زيادة الإصابات؟
قبل جائحة كورونا, كانت البكتيريا تسبب ذروات وبائية كل ثلاث إلى خمس سنوات تقريباً.
وعاد السعال الديكي إلى الظهور منذ نهاية عام 2023 في بلدان عدة, في أوروبا وعلى الضفة المقابلة من المحيط الأطلسي. ويمكن أن تستمر الذروات الوبائية أشهراً عدة.
سُجلت أكثر من 32 ألف حالة إصابة بالسعال الديكي في 30 دولة أوروبية في الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2024, ويفوق هذا الرقم بكثير منذ الآن ما كان عليه عام 2023 بأكمله (أكثر من 25 ألف حالة), وفقاً للمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها.
أفيد عن ذروات وبائية كبيرة في كرواتيا والدنمارك والمملكة المتحدة, وزيادات كبيرة في الحالات في بلجيكا وإسبانيا وألمانيا.
وفي فرنسا, ارتفع عدد الحالات من 495 في عام 2023 بأكمله إلى أكثر من 5800 حالة في الأشهر الخمسة الأولى من 2024, وفقاً للمركز المرجعي الوطني للسعال الديكي في معهد "باستور".
رأى مدير المركز الوطني للأبحاث سيلفان بريس في حديث لوكالة "فرانس برس" أنه "انتعاش قوي" لعدد الإصابات, مشيراً إلى أن "فرنسا لم تشهد حجماً مماثلاً للحالات منذ 20 عاماً على الأقل". ولاحظ أن "هذه المرحلة من الوباء لا تزال تصاعدية", متوقعاً زيادة كبيرة لعدد الإصابات خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس.