أثارت زيارة وفد صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى بيروت مجموعة تساؤلات وعلامات استفهام لدى مصادر مصرفية مستقلة, خصوصاً لجهة أبعاد وجدوى الإجتماع الذي عقده مع بعض المصارف, وبشكل منفرد واستثناء المصارف الأخرى من جهة, كما لجهة مبادرة الوفد إلى زيارة المقرّ الرئيسي لاحد المصارف, وبطريقة مخالفة للأصول المعتمدة ومن دون التنسيق مع جمعية المصارف من جهة أخرى.
وكان وفد الصندوق قد اجتمع, وبشكلٍ منفرد, مع مسؤولين عن عدة مصارف منها "اللبناني الفرنسي" وبنك "ميد" و"لبنان والمهجر", في غياب المصارف الأخرى, وناقش معهم مستجدات الأزمة المصرفية بعد انهيار العام 2019 وملف الودائع, وهو ما رأت فيه المصادر المصرفية, تجاوزاً للمهنية في التعاطي, حيث أنه لم يتمّ استعراض جدول الأعمال مع الجمعية في اجتماعاتها الدائمة والمفتوحة.
الأخطر في الإجتماع المذكور, وقد كشفته المصادر المصرفية, يتمثل في ما وصفته ب"الفضيحة" بعد موافقة هذه المصارف على خطة صندوق النقد التي تقضي بشطب ودائع اللبنانيين.
وفي هذا المجال, أكدت المصادر, أن الخطوة الصادمة للمصارف المذكورة, أتت نتيجة مخاوف لدى كلٍ منها من العقوبات التي قد تتعرّض لها جراء ارتكابات وتجاوزات قامت بها قبل وبعد الإنهيار المصرفي.
وعلى سبيل المثال, فقد أوردت المصادر المصرفية, أن بنك "لبنان والمهجر" الذي سلم "داتا" الودائع للقاضية غادة عون, خصوصاً وأنه قام بتحويل أموالٍ لأحد السياسيين (رئيس حزب سياسي مسيحي) ولزوجته, وبالتالي, يتخوّف من أن يتمّ فتح ملفات بعض مودعيه غير اللبنانيين, والذين ينتمون إلى بعض الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية.
كذلك, فإن بنك "ميد" قد ذاع صيته بعد ضياع رساميله وتعدّد الملاحقات القضائية بحقه في لبنان كما في دولٍ أجنبية, فيما لعب مديره العام ميشال عقّاد دوراً مشبوهاً في ملف الودائع, نتيجة انحيازه بشكل سافر لمطلب صندوق النقد الدولي, وذلك في خطة شطب الودائع.
وتابعت المصادر المصرفية, أن بنك "اللبناني الفرنسي",يسعى بدوره إلى تفادي فتح ملفات بعض المودعين "المشبوهين" لديه, وبالتالي ملاحقته قضائياً, علماً أنه عاجز عن مواجهة أي دعوى قضائية لأسباب عدة.
وانطلاقاً ممّا تقدم, فإن السؤال الأبرز الذي طرحته المصادر المصرفية المستقلة, يتناول الدور الذي لعبه مدير عام "بنك ميد" مع مجموعة "كلنا إرادة", في تفخيخ الإجتماع الأخير للجنة التي تضم ممثلين عن المصارف المذكورة مع وفد صندوق النقد الدولي, وهو ما لمسه ممثلو "بنك بيروت" المشاركون في الإجتماع, والذين اعترضوا أكثر من مرة على النقاش والمداولات الجارية, خصوصاً أن هذه اللجنة هي بمثابة "المنحلة", وبالتالي فهي لم تعد تمثل المصارف أو الجمعية.
ولذلك, فإن المصادر المصرفية المستقلة ترفض اليوم الحديث عن وحدة الموقف في جمعية المصارف, طالما أن بعض هذه المصارف كانت تحاول أن تلعب دور الناطق بإسم كل المصارف التي ترفض شطب الودائع وفق ما نصّت عليه خطة صندوق النقد الدولي, وما زالت تعمل اليوم على التفرّد في القرارات عن باقي المصارف, ومواصلة القيام بأدوار مشبوهة خدمةً للمؤامرة التي أودت بالقطاع المصرفي.
وتحذِّر المصادر, من تداعيات هذا الأداء على ودائع اللبنانيين, في الوقت الذي تقف فيه المصارف الأخرى بوجه أي محاولة لشطبها سواء من قبل صندوق النقد, أو من قبل أية جهات داخلية.