لم تكن النسخة المعدلة للورقة الفرنسية المتعلقة بالتهدئة على الجبهة الجنوبية, سوى معبراً للوصول إلى مرحلة جديدة على هذه الجبهة وذلك بمعزلٍ عن كل ما رافقها من تفسيرات وتكهنات حول حدود ما ستصل إليه هذه الورقة على صعيد تحقيق خرقٍ أمني بارز على هذه الجبهة, يتجاوز كل ما سعت إليه الوساطات السابقة الداخلية والخارجية.
ومن خلال الصيغة المعدلة التي وصلت إلى بيروت للخطة الفرنسية, يناقش سفير سابق في واشنطن, احتمالات الترجمة ميدانياً وبشكلٍ خاص وقف النار وتكريس تفاهم جديد يؤمن استقراراً غير مرتبط بجبهة غزة, وذلك بمعزلٍ عن مسارعة "حزب الله" إلى اعتبار المقترحات الفرنسية "مقبولةً" ولكن توقيت دخولها حيّز التنفيذ غير واضح.
ورداً على سؤال ل"ليبانون ديبايت", يكشف السفير السابق عن أن التعديلات التي تمّ إدخالها على المقترحات الفرنسية في باريس أولاً ثم في بيروت ثانياً وفي إسرائيل ثالثاً, تُنبىء بإمكان توافر كل مقومات القبول بها لدى القوى الأساسية المعنية, لكنه يستدرك معتبراً أن الغطاء الأميركي لها قد لا يكون مؤمناً وذلك لجهة الضغط على إسرائيل للسير بها, في حال فشلت مساعي التهدئة في غزة خلال الساعات المقبلة.
ومن أبرز التعديلات التي سعى الحزب بشكل خاص إلى إدخالها على الخطة الفرنسية, يقول السفير نفسه إنها لا تتعلق بالمضمون بل بالإطار الخاص لخطة التهدئة على صعيد الإنسحاب إلى شمال الليطاني وفق القرار 1701, حيث جرى اعتماد عبارة تموضع فيما غابت الإشارة إلى سلاح الحزب.
وحول ما يتم تداوله حول الموقف الأميركي من هذه الورقة والتي كان قد ساهم في صياغة بعض بنودها, فإن السفير السابق في واشنطن, يؤكد أن الإدارة الأميركية تدعم الحراك الفرنسي ولكن بشكلٍ جزئي, حيث أنها لم تصل بعد إلى مرحلة ممارسة أي دور فاعل بالنسبة للجبهة الجنوبية, إنطلاقاً من أنها لا تمانع الإبقاء على قواعد الإشتباك المتعارف عليها أي حصر المواجهة بالمناوشات فقط, وذلك بانتظار انتهاء الحرب في غزة.
وبالتالي, يمكن القول, يضيف السفير ذاته, بأن الفرصة سانحة اليوم وهي غير مسبوقة لوضع حد لحرب الإستنزاف وقطع الطريق على الحرب الشاملة, خصوصاً وأن الورقة الفرنسية تركز على تقليص فرص المواجهة ووقف العمليات العسكرية ونشر 15 ألف جندي من الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية, علماً أن القرار 1701 واضح في هذا المجال.