في واقع الحال, إسرائيل ضربت في إيران, ولكن الغريب ما قيل أن لا إيران اعترفت بالضربة ولا إسرائيل تبنتها, أنه أسلوب جديد في العلوم العسكرية والحروب بين إسرائيل وإيران وهي حرب فريدة من نوعها, حيث الضارب يعفي نفسه من تحمل المسؤولية, والمضروب يعفي نفسه من الرد.
ويبدو أن اسرائيل تعمّدت الهجوم على قاعدة جوية في أصفهان بشكل المحدود للتأكيد على قدرتها على الوصول الى الداخل الايراني بأساليبها الخاصة من دون أن تكون للهجوم أضرار كبيرة, وذلك نزولا عند الرغبة الأميركية بأن يكون الهجوم محدوداً.
واذا اكتفت إسرائيل بضربة الليل, ورأت إيران أن القصف من مجهول, فهذا يعني أن الأنظار ستتوجه مجدداً إلى معركة رفح, ولم يعد الأمر سرا, فواشنطن وافقت على ضربة محدودة لايران في مقابل الضوء الأخضر الذي أعطته لأسرائيل لفتح معركة رفح.
فما يهم إسرائيل هو القول إنها قادرة على الوصول الى العمق الايراني عندما تريد ولكن ما يثير الخوف اليوم هو توقع ردّ ثان تكون الجبهة الجنوبية في لبنان ساحته خصوصاً بعد الاعلان الايراني بأنّ حزب الله هو فرع النخبة في الحرس الثوري الايراني.
ومع تزايد السخونة على الحدود الجنوبية, تحدثت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت عن تحذيرات وصلت الى الحكومة عن نوايا اسرائيل العدوانية واستعداداتها لتوجيه ضربة سريعة ضد حزب الله, رداً على العمليات الأخيرة التي قام بها الحزب.
ولم تستبعد المصادر رفع وتيرة الغارات والعمليات العسكرية بشكل غير مسبوق.
اما في الملف اللبناني, يتردد ان زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون لباريس مثمرة واجتماعه مع قائدي الجيش الفرنسي والايطالي كان ايجابيا وجاء استكمالا لاجتماع روما حيث قدم العماد عون دراسة عن حاجات الجيش ووضعه وحاجاته لوجيستيا وماديا, في ضوء التحديات التي يواجهها.
ومنذ ذلك الحين, درس قائدا الجيش الفرنسي والايطالي عرض العماد عون الشامل, واستوضحا بعض النقاط لتحديد الخطوات الواجبة للمساعدة في اطار خطة معينة, خاصة في ما يتصل بالوضع في الجنوب, وحاجيات الجيش والتطويع, وغيره.
ومن هنا تشير معلومات الى انه سيتم تشكيل لجنة مشتركة من كل الاطراف المجتمعة, لدرس الحاجات وكيفية تأمين الدعم والتمويل اللازمين. كل ذلك لا بد ان يسبقه قرار سياسي ووقف إطلاق نار على ان يواكب سياسيا على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
أما في الإليزيه, أكد ماكرون للعماد عون استمرار دعم بلاده للجيش اللبناني بكل الوسائل المتاحة لتمكينه من القيام بمهماته في كل لبنان بما فيها الجنوب.
رئاسياً, الامور لا تزال تراوح مكانها, وجولة الخماسي انتهت الى لا شيء وفي الايام المقبلة, ومن غير المستبعد ان تلقى مبادرة الاعتدال المصير الاسود فتصل الى الحائط المسدود لان عدم انفتاح جميع الطراف على فكرة المرشح الثالث, يعني ان لا حاجة للحوار الذي يطرحه رئيس مجلس النواب نبيه بري, ولا للمشاورات النيابية التي يقترحها "الاعتدال".