نحورُ وندورُ في وعاءٍ فارغ, الأزمات كثيرة وكذلك الحلول, لكنّ تطبيق الاخيرة يبدو هو المهمّة الأصعب. آخرُها مشكلةُ الطوابع التي وإن كثرَ طبّاخو حُلولِها إلا أن التطبيقَ لا يزالُ مهمّة مستعصية, وسط ضياع واختراعات غريبة عجيبة آخرها موضوع الإيصالات.
فبعد أن اختفت الطوابع, إلا من السوق السوداء, حيث تُحتكر بأضعاف أسعارها, مما عرقلَ معاملاتِ المواطنين وطلباتهم, تقدّم النائب ميشال ضاهر باقتراحِ قانونٍ معجّل مكرّر من أجل "ضمان عدم تعرض المواطنين للاستغلال والتلاعب في السوق السوداء وهدر ما تبقى من اموالهم", وذلك من خلال تعديل الفقرة الثانية من المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 67 الصادر في 8/5/1967 لتصبح على الشكل الآتي:
"بواسطة آلات الوسم لدى الاشخاص المرخّص لهم باستخدامها لكل المعاملات المنصوص عليها في القانون وذلك بعد تأدية الرسم عنها نقدا في صندوق الخزينة".
وقد جاء في نص القانون الآتي:
"لما أصبح الحصول على الطوابع الورقية بالطريقة التقليدية شبه مستحيل, مما أدى إلى استغلال الوضع من قبل بعض الافراد وبيعها بالسوق السوداء بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بعشرات المرات, ولما أصبحت تكلفة طباعة الطوابع تشكل عبئا على خزينة الدولة فإن تكلفة الطبع أصبحت تفوق قيمة الطابع نفسه, نتقدّم باقتراح القانون المعجّل المكرّر, طالبين من المجلس النيابي مناقشته وإقراره".
غير ان ما حصل في اليوم التالي ان اجتماعا عُقد بين نقيب المحامين في بيروت فادي المصري ووزير العدل هنري خوري الذي لم يَسِرْ باقتراح ضاهر, إنما أوجد حلّا يقوم على استيفاء قيمة الطوابع الأميرية من خلال إيصال مالي في كلّ قلم من أقلام المحاكم ودائرة التحقيق والنيابات العامة من دون الحاجة إلى لصق طوابع على المعاملة. غير ان المحامين والمساعدين القضائيين اعترضوا على هذا الحلّ لأنه سيزيدُ من جهة الأعباءَ على المساعدين القضائيين ويجبر المحامين على الوقوف في صفوف أمام صندوق المالية لدفع المتوجبات, ومن جهة اخرى فإن قيمة دفتر الإيصالات أغلى من الطابع الأميري.
ما يحصل في أزمةِ الطوابع لا يختلفُ عن غالبية الازمات في لبنان, جلبةٌ كثيرة من دون عملٍ حقيقي... فما الذي يمنعُ اليوم تسييرَ شؤون المواطنين بأسرعِ وأسهل طريقة من خلال اقتراح ضاهر؟ وما الذي يمنعُ قوننة الحلّ؟
(موقع mtv)