التصعيد ثم التصعيد.. فإسرائيل التي تتوحش في غزة والجنوب أصابت للمرة الثانية العمق اللبناني في البقاع لتستهدف المدنيين الأبرياء, وهنا تكون إسرائيل تخطت حماية حدودها وفكرة إعادة المستوطنين الى الشمال ليكون عنوان المرحلة القادمة "التصعيد بالقول والفعل والحرب لن تقتصر على الجنوب وحده"!
فالكلمة للميدان في لبنان وغزة, غير ان قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية كشفت النقاب عن أنها استغلت الأسابيع الأخيرة من أجل تنفيذ مخطط سريع لإقامة ملاجئ لسكان المستوطنات على الحدود اللبنانية خصوصاً الذين يسكنون في المباني القديمة التي لا تتوفر فيها ملاجئ لحالات الطوارئ, وتلك التي لا يتوفر لسكانها وقت للوصول إلى الملاجئ بعد دوي صفارات الإنذار, والتي يقع معظمها في الضواحي ومنها ضواحي حيفا.
وفي تقديرات عسكرية, أن هكذا إجراء يسبق عملية واسعة يعد لها الجيش ضد جنوب لبنان, حيث أنهت الهيئة الأمنية سلسلة من المشتريات توافر إمكانية نقل السكان في حال تنفيذ العملية التي أطلق عليها اسم "مرسى صامد".
وفي انتظار التحرك الجديد المُرتقَب لسفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية في بيروت, والتحرك المنتظر لتكتل الاعتدال الوطني في جولته الثانية لشرح آليات مبادرته الرئاسية وتفاصيلها والمرتقب هذا الاسبوع او الذي يليه, قالت مصادر نيابية انّ "المبادرة في الشكل الذي طرحت فيه لا تؤدي الى انتخاب رئيس للبلاد, بدليل موقفَي رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الاعلام زياد مكاري منها, وعدم رَد حزب الله حتى امس على المبادرة".
واضافت المصادر: "لا نتوقّع نجاح المبادرة بل لعلها انتهت عملياً, حتى الذين أعلنوا موافقتهم عليها من حيث المضمون العام اعترضوا على الآلية التنفيذية المطروحة".
ويبدو ان القطريين كما كل الجهات الدولية والعربية يعتبرون أن الساحة اللبنانية هي الأكثر تأثراً بالوضع الذي نشأ في غزة, ويظهرون مستوى عالياً من الاهتمام حيال أخطار أيّ انزلاق الى الحرب, فالدوحة تعمل على خط موازٍ مع الأميركيين بشأن التهدئة في الجنوب وفصل المسارات والجبهات, وتصاعد الخوف لديها مردّه إلى أنها لمست, كما الأميركيين وغيرهم, استحالة التوصل إلى أي اتفاق في ما خص الجبهة الجنوبية بمعزل عن الهدنة في غزة بسبب موقف المقاومة في لبنان.
ومن الواضح أن المسار في غزة طويل وأن عملية التفاوض مستمرة, وهناك جهود من أجل التوصل الى هدنة, لكن لا شيء يؤكد أن الأمور ستكون متاحة في شهر رمضان, ولكن يجب تجنب التصعيد في لبنان والعمل على ضبط النفس.
أما في الملف الرئاسي الذي كان ولا يزال محطّ اهتمام القطريين, اذ يشددون على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لأن المنطقة ذاهبة نحو تحولات كبيرة لن يكون لبنان بمنأى عنها, وهناك ملفات تحتاج الى وجود رئيس, من دون أن يدخلوا في أيّ تفاصيل حول الأسماء ولم يطرحوا أي مبادرة.
في حين حسم رئيس المجلس النيابي نبيه بري السجال الدائر حول من يدعو للحوار ويتولى إدارته انطلاقاً من المبادرة التي أطلقتها كتلة الاعتدال الوطني النيابية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزُّم بانتخاب رئيس للجمهورية, بتأكيده أن الأمانة العامة للبرلمان هي مَن توجّه الدعوة للكتل النيابية للمشاركة في الحوار الذي سيترأسه شخصياً بلا شروط مسبقة, "لعل التلاقي على طاولة مستديرة يؤدي إلى التوافق على اسم مرشح معيَّن من شأنه أن يسهّل انتخابه, لأن الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان تتطلب منا اليوم قبل الغد وضع حد لاستمرار الشغور في رئاسة الجمهورية".