ظاهرياً, هناك توافق سياسي على أنّ دولار المصارف يجب الاّ يبقى على 15 الفاً, لكن على ارض الواقع لا يوجد طرف سياسي مستعد لتبنّي قرار تعديله بعد. في هذا الوقت يدفع المواطن رسومه وضرائبه على دولار 89500 ليرة, فيما المودع غير قادر على السحب حتى وفق دولار 15 الفاً. فقد طال انتظار بتّ هذا الموضوع, ما الاسباب؟ وأين هو عالق؟
منذ مطلع العام يدور الحديث عن تغيّر مرتقب في دولار المصارف, خصوصاً بعدما انتهت مفاعيل التعميم 151 الذي حدّد سعر الصرف الرسمي بـ 15 الفاً. وها قد مرّت 3 اشهر وقرار التعديل لم يصدر بعد. المؤكّد انّ دولار المصارف سيرتفع من 15 الفاً الى 25 الفاً, ورغم انّ هذه التسعيرة غير عادلة البتة, لاسيما اذا قارناها بالسعر المعمول به في الضرائب والرسوم والسوق الموازي الذي هو 89500 ليرة, الاّ انّ المودع الذي فَقَد الأمل باسترجاع وديعته, والذي دفع وحده ثمن الانهيار المالي, يتقبّل اليوم ولو على مضض دولار الـ 25 الفاً, على اعتبار انّ "الكحل أفضل من العمى", وانطلاقاً من حاجته الى المال, بعدما فقد قيمة وديعته وفُرضت عليه قيود صارمة لسحب أمواله من المصارف وتدنى مستوى الرواتب الى النصف تقريباً. أضف الى ذلك, امتناع بعض المصارف عن صرف الدولار المصرفي وفق سعر 15 الفاً بانتظار تحديد سعر الدولار الجديد.
في السياق, أكّدت مصادر مالية مطلعة لـ"الجمهورية", انّ موضوع الدولار المصرفي يرتبط بكل من وزير المالية ومصرف لبنان, وقد ارسل وزير المالية مؤخّراً كتاباً في هذا الخصوص الى مصرف لبنان, والامر لا يزال يحتاج الى بعض التنسيق بين الطرفين. واعتبرت المصادر انّ تحديد سعر دولار جديد لسحوبات المصارف ليس بهذه البساطة, إذ يجب إتمام الدراسات اللازمة قبل إقراره, مثل تأثيره على السوق وعلى سعر الصرف وتحديد سقوف السحب للمودعين, لافتةً الى انّ سعر الـ 25 الفاً هو ما يتمّ التداول به في الإعلام, لكن ليس بالضرورة انّه سيُعتمد, إذ لو كان متفقاً عليه لكان صدر.
في المقابل, اكّدت مصادر مقرّبة من الحكومة, أنّ تحديد سعر سحوبات الدولار من المصارف متوقف عند وزير المال, علماً أنّ الحكومة كانت منذ البدء مع صدور هكذا قرار, وهي لا تحبذ المماطلة التي تحصل. وأشارت المصادر, الى انّ وزير المالية لا يزال يدرس آلية الإصدار, بحيث كان من المتوقع ان يصدر هذا القرار الاسبوع الماضي, الاّ انّ ذلك لم يحصل.
وكشفت المصادر, انّ السحوبات الدولارية من المصارف وفق دولار الـ 15 الفاً متوقفة لأنّ مصرف لبنان يمتنع عن اعطاء الليرات اللبنانية للمصارف وفق تسعيرة الـ 15 الفاً, وعليه, فإنّ الكل في انتظار صدور قرار من المالية, ووزير المالية نفسه بانتظار ضوء اخضر سياسي قبل الاعلان عن سعر جديد للسحوبات بالدولار.
(ايفا ابي حيدر - الجمهورية)