توفِّر التحالفات الإستراتيجيّة آليّة للبنوك لتلبية متطلّبات رأس المال, والمعايير التنظيميّة الأخرى. من خلال إلقاء نظرة خاطفة على أهمّ التعاميم الصادرة من مصرف لبنان, نجد أنّها تناولت بشكلٍ مباشر أو غير مباشر مسألة اندماج المصارف. فتعميم مصرف لبنان رقم ١٤٣ العام ٢٠١٧, يتناول إعادة هيكلة المصارف والمؤسّسات الماليّة. وقد تمّ ذكر عمليات الاندماج بشكل صريح كوسيلة لإعادة الهيكلة, ويوفِّر التعميم إطارًا تنظيميًّا للبنوك التي تفكِّر في مثل هذه التحرّكات العمليّة.
ويؤكِّد أهميّة الاستقرار, والمرونة في مواجهة التحديّات الاقتصاديّة. كذلك يحدِّد تعميم مصرف لبنان رقم ١٥١ العام ٢٠١٩ المبادئ التوجيهيّة للمصارف من أجل مواجهة التحديّات المتعلّقة بالسيولة, والتعامل بالعملات الأجنبيّة. ويمكن لعمليات الاندماج أن تكون مفيدة في إدارة هذه التحديّات من خلال إنشاء كيانات أقوى, وأكثر تنوّعًا, ومجهَّزة بشكلٍ أفضل للتعامل مع ديناميكيّات السيولة, والعملة المُعَقّدة. أمّا تعميم مصرف لبنان رقم ١٥٤ العام ٢٠١٩ فيشدِّد على ضرورة قيام المصارف اللبنانيّة بتعزيز مراكزها الرأسماليّة. وتُمثّل عمليات الاندماج وسيلة استراتيجيّة لتلبية متطلبات رأس المال هذه, حيث يشجّع التعميم البنوك على استكشاف خيارات الدمج لتعزيز وضعها الماليّ. من المتوقّع أن تستمر البنوك اللبنانيّة في استراتيجيّاتها المعتمدة في غياب إطار قانونيّ واضح للتحكّم في رؤوس الأموال (الكابيتال كونترول) أو اقتطاع الأموال المودَعة (الهيركات), إلى جانب عدم وجود أهداف اقتصاديّة وسياسيّة وطنيّة لإنعاش الاقتصاد اللبنانيّ, واستعادة الثقة في القطاع المصرفيّ, أقلّه في العام الحالي. وتهدف هذه الخطّة إلى خفض الالتزامات, والحفاظ على ميزانيّة عمومية إيجابيّة استعدادًا لإعادة الهيكلة المحتملة للقطاع المصرفيّ. ومن المتوقّع أن تتضمَّن عمليّة إعادة الهيكلة العامّة عمليات اندماج بين البنوك, أو استحواذ البنوك الأكبر على البنوك الأصغر حجمًا. ومع ذلك, فإنّ القيود القانونيّة الحاليّة, وخاصّة تلك المتعلِّقة بالاعتبارات الماليّة والضريبيّة, تجعل مثل هذه المعاملات غير عمليّة. لذلك, ولتسهيل عملية إعادة الهيكلة, لا بدّ من إصدار قانون خاص يتناول القضايا الماليّة والضريبيّة. وهذا من شأنه أن يجعل عمليّات الاندماج بين البنوك أكثر جدوى, وأشدّ فعاليّة من حيث التكلفة, ممّا يشجِّع مشاركة المستثمرين في جهود إعادة الهيكلة. ومن المؤسف أنّ عدم الاستقرار السياسيّ في لبنان يعيق سَن مثل هذه القوانين.
(البروفيسور ندى الملّاح البستانيّ - الجمهورية)