سارع كارتيل النفط إلى تنفيذ إضراب والامتناع عن توزيع مادتَي المازوت والبنزين. ذريعته أن الدعم كان شرعياً, وأن ما حقّقته الشركات المستوردة للمحروقات من أرباح في ذلك الوقت كان شرعياً أيضاً. وفور انتشار خبر الإضراب, بدأت محطات الوقود تشهد تهافتاً من المستهلكين خوفاً من انقطاع هذه المواد الحيوية من السوق. وأمس, عقد رئيس نقابة الكارتيل مارون شمّاس, مؤتمراً صحافياً لتبرير هذه الخطوة التصعيدية مستنداً إلى عدم جواز فرض ضريبة بمفعول رجعي. وقدّر أن تتكبّد الشركات المستوردة في عامَي 2021 و2022 نحو 700 مليون دولار إذا فُرضت الضريبة على حجم الأعمال الذي يصل إلى 3.5 مليارات دولار سنوياً. وقال شماس: "الدعم هو قرار حكومي, ومن استفاد منه هو المواطن أي المستهلك", وسأل: "من أين ستأتي الشركات بهذه الأموال لتدفعها؟ هل ستدفع الدولة ضريبة الـ 10% على ما استوردته منشآت طرابلس والزهراني والذي تبلغ قيمته مليار دولار ونصف مليار؟". وألمح إلى شعبوية النواب مشيراً إلى أنهم "تسرّعوا, ويجب أن يصحّحوا هذا الخطأ. هذا القانون لا يُطبّق ولا أساس له".اعتراض كارتيل النفط متوقّع بمعزل عن الجدال المتّصل بفرض هذه الضريبة لجهة كونها بمفعول رجعي, أو بكونها تصيب حجم الأعمال (حجم المبيعات) بدلاً من الأرباح. لكن سرعة التصعيد تُعدّ مؤشراً إلى شراسة الكارتيل ورغبته في تحذير وتحدّي السلطة السياسية بأنه يمنع المسّ بأرباح الشركات, وإلا فإن الكارتيل سيمارس وظيفته التي خُلق من أجلها. ففي السنوات الأربع الماضية (2020 -2023 "لغاية آب") استورد الكارتيل بنزيناً ومازوتاً وغازاً وكازاً للطيران بقيمة تُقدّر بنحو 12.4 مليار دولار. وهذه كلفة الاستيراد المسجّلة لدى الجمارك اللبنانية, لا تتضمن الأرباح بمعدل 5% كما يرد في جدول تركيب الأسعار. وتُقدّر الأرباح في هذه الفترة بأكثر من 600 مليون دولار, أي بمعدل وسطي يتجاوز 150 مليون دولار سنوياً. وهذا الرقم لا يشمل أرباحهم من شركات التوزيع ومن مبيعات محطات المحروقات التي يملكون أكثر من 60% منها. وكمية الربح المقدّرة لا تشمل أيضاً عمليات التلاعب التي تتعلق بالفروقات في تسعير النفط يوم التحميل والشحن والتفريغ وغير ذلك من الثغرات في جدول تركيب الأسعار التي تتيح لهم تهريب الأرباح.
(محمد وهبة - الأخبار)