طرقت الجمعية اللبنانية لحفظ الطاقة والبيئة ALMEE ووكالة التحول البيئي ADEME باب القصر البلدي في زحلة, حاملة هاجس المخاطر المتأتية من سلوكيات الإدارة غير السليمة لمخلفات الإلكترونيات وتجهيزات الطاقة المتجددة, ولا سيما البطاريات. فالموضوع الذي لم يتحول بعد الى أزمة كون السوق اللبناني إنفتح حديثا على تجهيزات الطاقة الشمسية, يهدد المجتمعات اللبنانية بقنابل موقوتة في وسطها, ستنفجر بوجه كل البلديات, ما لم تسارع لإيجاد الحلول الملائمة لها, تبدأ بجمع وإعادة تدوير البطاريات المستعملة بطرق سليمة.
ولكن إذا كانت التوعية عامل أساسي في إطلاق هذه العجلة, فإن المسؤولية مشتركة بين المستورد المواطن, الوزارات والجهات الرقابية, وخصوصاً البلديات. أما الاخيرة فهي التي ستوضع بمواجهة المشكلة مباشرة متى بدأت هذه التجهيزات تتحول نفايات خطرة, وعلى الأخيرة مسؤولية التوعية والمراقبة حتى لا تجد نفسها عاجزة أمام هول الكميات التي ستختلط مع نفاياتها المنزلية.
معالم المشكلة واضحة, وخصوصاً إذا اخذنا في الإعتبار التوجه الكبير لدى المواطنين الى تجهيزات الطاقة البديلة, والذي سجل رقماً قياسياً في العام 2022, بينته بيانات الجمارك اللبنانية التي أظهرت إستيراد لبنان في هذه السنة وبشكل إستثنائي حوالي 82 ألف طن من الألواح الشمسية و117 الف طن من البطاريات.
وإنطلاقاً من هنا وجهت الدعوة لرؤساء بلديات من مختلف محافظات لبنان للمشاركة في دورة تدريبية, هدفت الى تعزيز تبادل المعرفة بين خبراء في المجال وممثلي البلديات. وقد شارك الى جانب رئيس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل اسعد زغيب, عضوا المجلس بولين البلعة الزوقي, وجورجيت زعتر, وإداريون في البلدية, بالإضافة الى مشاركة رئيس دائرة وزارة البيئة في البقاع جورج عقل, ورؤساء جمعيات وخبراء في مجال التعامل مع مخلفات البطاريات والإلكترونيات قدموا خبراتهم في هذا المجال.
أولى عناصر المعرفة التي قدمها زغيب خلال إفتتاح الدورة, كان بطرحه إشكالية المواد الأسيدية التي تشكل أحد مكونات البطاريات الرصاص والحمض, سواء تلك المستخدمة في السيارات أو في المنازل, حيث يتبين ان معظم هذه البطاريات تصل الى جامعيها خالية من كميات الأسيد التي لا يعرف أين تسكب, الأمر الذي إعتبر زغيب أنه يشكل خطراً كبيرا على التربة والمياه, بينما يمكن إيجاد الحلول له من خلال تحديد بدل لهذا الأسيد يسمح بتجميعه في مكان واحد نظيفاً لإعادة إستخدامه في محطة تكرير الصرف الصحي بزحلة التي تحتاج اليه بعملية التكرير.
هذا في وقت أسف نائب رئيس الجمعية الدكتور عادل مرتضى ل"كوننا لجأنا الى الطاقة الشمسية كحل لمشكلة التقنين, واذا بها تتحول الى مشكلة." شارحاً أنه "عندما نرفع استهلاك الطاقة الشمسية على المستوى الفردي معناها أننا سنستورد كميات أكبر من البطاريات (العادية والليثيوم) والألواح, وكلها لها عمر معيّن وبعد هذا العمر ستتلف. بينما إذا كنا نحن في الأساس نعاني من عجز بإدارة النفايات المنزلية, كيف سنتعاطى مع نفايات خطرة بملوثاتها."
ما كشفته الدورة التدريبة من خلال عرض "الواقع العام والمبادرات المحلية", الذي عرضته مديرة قسم إدارة النفايات- الإقتصاد الدائري والإعلام في جمعية ALMEE الدكتور ريتا النجار هو الدور الذي تلعبه مؤسسة العريبي في تعنايل, التي تجمع أكبر كمية من هذه البطاريات, وتقدر كمياتها السنوية نحو 10 آلاف بطارية سيارات, و12 ألف بطارية مستخدمة في أنظمة الطاقة الشمسية, حيث تقوم المؤسسة بتحويل أجزاء من هذه البطاريات الى رصاص يباع الى اوروبا, فيما كميات البلاستيك الناتجة عنها تدوّر كأحواض زهور, والعوادم ترسل الى المطامر.
وقد عرضت النجار أيضاً لملخص حول الممارسات الحالية على مستوى السلوكيات الفردية أو البلديات, كمقدمة لتبادل الأراء والخبرات التي ستصل الى تحديد حاجات السلطات المحلية في مجابهة المخاطر, خصوصا كما شرحت النجار "أننا ننطلق من تحت الصفر. حتى أنه بالإستبيان الذي قمنا به, لا يرى عدد كبير من البلديات أن هذا الموضوع طارئ, وهم لا يضطرون للتعامل معه بشكل يومي. ولكنه في الواقع سيتحول الى قنبلة موقوتة ما لم نباشر الى وضع المعالجات اللازمة منذ الآن"
ولأن المعالجة تتطلب أولا تحديد المشكلة التي تبدأ من أنواع البطاريات وتأثيراتها, كان عرض من الدكتور بسام تقي مدير عام شركة TACOM لرفع التوعية حول أهمية البحث عن عنصر الإستدامة وتكلفة ودورة حياة البطاريات, قدم من بعدها مدير مشروع REFIT خوسيه انطونيو نايا فيلافيردي لمحة عن مشروعه الذي يعنى بإدارة البطاريات المستعملة, وعرض ايلي رومانوس الخبير في مجال الطاقة نموذجا عن طريقة جمع البطاريات القديمة عبر مؤسسة ARC EN CIEL كما استعرض غابي كساب رئيس جمعية ECOSERV الممارسات الضارة في التخلص من المواد الخطرة الصادرة عن النفايات الإلكترونية والبطاريات, بمقابل عرض مستودعات تخزين البطاريات المستعملة في ECOSERV.
لتختم النجار مجددا بالإعلان عن منصة تستكمل حالياً الخطوات النهائية لإطلاقها ستشكل أداة تواصل بين المواطنين ومعالجي النفايات القابلة للتدوير, بما يسهل على المواطن بلوغ المؤسسات التي تعنى بتجميع هذه النفايات الخطرة بدلا من التخلص بها بشكل يضر بالبيئة والإنسان.