بدأت السلطة السياسية التحضير للتمديد الثالث للإنتخابات البلدية والاختيارية. ففي 31 أيار المقبل تنتهي مفاعيل التمديد, وتكون البلاد أمام سيناريو, إما التمديد الثالث بعد تمديدَي 2022 و2023 أو تجرّع كأس إتمامها في موعدها. كانت حجة السلطة في ربيع عام 2022 عدم القدرة على إجراء الإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية معاً, ونتيجة الضغط الدولي كانت الأولية لإتمام الإنتخابات النيابية. وعام 2023 كانت الدولة في قعر الإنهيار وتحججت السلطة بعدم القدرة على إجرائها نتيجة عدم وجود تمويل, بينما السلطة نفسها أهدرت نحو مليار دولار من حقوق السحب الخاصة.
ومطلع 2024, لا توجد حجة مقنعة, فالموازنة لحظت بعد إجراء التعديل عليها في لجنة المال والموازنة وضع ما قيمته 10 ملايين دولار من إحتياطي الموازنة في عهدة وزارة الداخلية لإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية, والوضع الأمني في الجنوب يبقى ضمن قواعد الإشتباك, وبالتالي يبقى غياب القرار السياسي العائق الأول والوحيد في وجه إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية.
وما يدل بقوة على غياب هذا القرار هو عدم خروج وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي حتّى الساعة بتصريح يجزم بإجراء الإنتخابات في موعدها. وتُسجّل برودة في وزارة الداخلية لجهة إتمام الإستعدادات ربما بسبب غياب القرار السياسي الواضح. وتُفضّل غالبية القوى السياسية الإبتعاد عن تجرّع كأس هذه الإنتخابات, لأنها تحرّك التشرذم داخل الأحزاب والتيارات والقرى والمدن والعائلات, لذلك لا يوجد ضغط فعلي سوى من بعض قوى المعارضة لإتمام هذه العملية الدستورية. وتتحصّن السلطة السياسية بسيطرتها على معظم المؤسسات, خصوصاً المجلس الدستوري, فالعام الماضي كان الجميع يأمل بأن يأخذ المجلس الدستوري الأمور على عاتقه بتصحيح قرار المجلس النيابي بالتمديد, لكن التوازن السياسي في "الدستوري" لم يمنح الطعن حقه, بل برّر التمديد.
إذا كانت حجة السلطة هي عدم القدرة على إجراء الإنتخابات البلدية في كل لبنان نظراً الى عوامل مفترضة, بعضها غير موجود, فلا عائق يقف أمام إجراء تلك الإنتخابات في البلديات المنحلّة, خصوصاً أنّ التحجج بإجراء الإنتخابات الرئاسية قبل البلدية ساقط, ففي أيار تكون مرّت نصف ولاية المجلس النيابي, وأمام إنسداد الآفاق هل يتمّ التحضير النفسي للشعب من أجل إمرار التمديد النيابي؟
(آلان سركيس - نداء الوطن )