مستقبل مخاطر الشحن وعلى الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلتها القوى الغربية لاستعادة الملاحة في البحر الأحمر, لم تعد تفلح بحسب تقرير نشره موقع "ذا أتلانتك كاونسل" فقد خرج المارد الآن من القمقم. لقد أوضحت عملية إعادة توجيه التجارة العالمية على نطاق واسع القوة التي يمكن أن تمارسها الجهات الفاعلة غير التابعة للدولة. وحتى لو تم الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار على الفور, فلا يمكن للسفن أن تستدير ببساطة وتعود إلى مساراتها الأصلية. سيتطلب التغيير الكبير في المخاطر الظرفية للمسار قدرًا كبيرًا من إعادة التفاوض على العقود بين مالكي السفن والمشغلين.
الخطر يحدق ببحر الصين الجنوبي
وقد يقوم بعض المالكين بإعادة هيكلة العقود لمنع استخدام سفنهم على هذه الطرق. ولن تكون شركات التأمين والممولون على استعداد بشكل خاص للعودة إلى تقييمات المخاطر قبل وقف إطلاق النار. لقد فتحت هجمات الحوثيين المجال أمام إمكانية شن هجمات أكثر تطوراً من خلال التكنولوجيا التي يمكن الوصول إليها نسبياً في ممرات الشحن المزدحمة. هناك خطر حقيقي من احتمال تكرار هذا النموذج من قبل الجهات الفاعلة المطلة على طرق الشحن الأخرى ذات الحجم الكبير. وهناك منطقة ذات مخاطر مماثلة, إن لم تكن أكبر, تتمثل في تكرار هذه التصرفات في بحر الصين الجنوبي.
فهو يحمل ما يصل إلى ثلث إجمالي التجارة من حيث الحجم وهو طريق رئيسي لنقل الطاقة. وأي إعادة توجيه هناك ستكون لها تأثيرات هائلة على التجارة العالمية. وعلى النقيض من البحر الأحمر, الذي يعمل بمثابة قمع باتجاه قناة السويس, فإن التركيز العالي لطرق بحر الصين الجنوبي يتطلب النقل عبر مضيق ضيق نسبياً.
وباعتبارها نقطة اختناق استراتيجية, فإن هذه المنطقة معرضة للخطر بشكل لا يصدق. وعلى الرغم من وجود طرق بديلة, فإن القيود المادية لهذه الممرات المائية تجعلها مستحيلة عمليا بالنسبة للغالبية العظمى من السفن.
مستقبل الجغرافيا السياسية
إن الجمع بين الحجم الكبير والممر الضيق يعني أن تعطيل هذا المسار ذي الحجم المماثل يمكن أن يؤدي بسهولة إلى أزمة اقتصادية عالمية. ستحدد الأسابيع المقبلة ما إذا كنا نواجه إزعاجًا بسيطًا أم تحديًا أكبر للشحن الدولي. ومع ذلك, مثل جائحة كوفيد-19, لم يؤكد هذا الحادث على أهمية طرق التجارة البحرية فحسب, بل قدم نظرة ثاقبة لمستقبل الجغرافيا السياسية. أصبحت القدرة على ممارسة الضغط على هياكل التجارة العالمية أكثر سهولة بشكل متزايد. ويتعين على الدول أن تكيف استراتيجياتها الدولية لتعكس واقع التأثير الضخم الذي يمكن أن تحدثه بعض الجهات الفاعلة, الدولية وغيرها, على التجارة العالمية.