يجمع أعضاء المجلس المركزي لمصرف لبنان على أنه لن يحيد عن موقفه بـ"عدم طبع الليرة لسد عجز الموازنة, وأنه يستحيل استعمال ما تبقى من دولارات في الاحتياط لسدّ العجز أيضاً". هذه الرسالة وصلت بحرفيتها الى مسامع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي, وكل الوزراء والنواب بلا استثناء. وتستغرب مصادر في المجلس أنّ "وزير المالية يوسف خليل لا يدافع عن مشروع موازنة 2024 التي جرّدت من كثير من المواد, ما سيؤدي حتماً الى عجز إضافي يزيد كثيراً عن المقدّر بنحو 17 تريليون ليرة".
وتقول المصادر: "هناك مغامرة خطرة يقدم عليها المزايدون والشعبويون, ستؤدي الى فلتان سعر الصرف من جديد, ووضع مصرف لبنان أمام استحقاق لا يريده لا من قريب أو بعيد, بل سيرفض المجلس المركزي الحالي تحمّله. أما إذا عيّن حاكم جديد في 2024 فله ما يشاء وفق التركيبة السياسية القائمة".
وتشرح المصادر أنّ "مشكلة المشكلات منذ التسعينات هي عجز الموازنة. عجز كان يغطّى بالاقتراض حتى استفحل الدين العام على نحو خطير امتنع معه الدائنون عن تسليف لبنان, فشرع البنك المركزي في تمويل الحكومات من أموال المودعين تحت أعين النواب المزايدين حالياً. وكل من لم يعِ هذه المعادلة كأنه لم يتعلم شيئاً من دروس الأزمة, ويمعن في دفن رأسه في التراب من أجل حفنة من الأصوات الانتخابية على حساب البلد ومستقبله".
وتؤيد المصادر معظم ما يقال عن عدم التوسع عشوائياً في الضرائب والرسوم, مقابل حملة جدّية لمكافحة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي. وتستدرك: التهرب والتهريب مشكلتان قديمتان قدم لبنان. وكل كلام على مكافحة تلك الآفات بين ليلة وضحاها هو استسهال وتهرب من واقع أنّ لا دولة حقيقية في لبنان. دولة يجب بناؤها من جديد, وهذا يحتاج الى برنامج على مراحل لا ينفي ضرورة عدم إقرار موازنة بلا عجز اليوم". لذلك, تحذّر المصادر النواب من أنّ "مصرف لبنان بمجلسه المركزي الحالي لن يموّل, تحت أي ظرف, عجز موازنة يقرّها البرلمان".
وجدّدت المصادر التذكير بأنّ استحقاقات 2024 مفصلية أمام النواب,"فإما نبدأ الخروج من الأزمة, وإما يطول أمدها وتستفحل فلا يخرج منها لبنان خلال 10 سنوات على الأقل. أما التعويل على النفط والغاز فهو عبارة عن وهم, لأنّ الايرادات, إذا كان هناك غاز بكميات تجارية, لن تأتي قبل 5 الى 7 سنوات, فيما حاجة لبنان الى التنقية المالية هي مستحقة البارحة قبل اليوم. علماً أنّ بلداناً مثل مصر لديها غاز وفير لا يحول دون حاجتها الى الاصلاح الاقتصادي والمالي وفق برنامج مع صندوق النقد الدولي".
وتختم المصادر بتذكير النواب بضروة إقرار جملة تشريعات لم يعد ينفع التهرب منها, وأبرزها: "هيكلة المصارف, إعادة الانتظام المالي (الذي يبت مصير الودائع), إقرار"الكابيتال كونترول", تعديل قانون السرية المصرفية مرة أخرى ليتوافق والمعايير الدولية التي شدّد عليها صندوق النقد الدولي. خلاف ذلك يعني المزيد من المزايدات والشعبويات القاتلة"!
(نداء الوطن)