من تداعيات الاشتباكات المندلعة جنوباً أنّ المنطقة الحدودية التي تنتظر عادةً شهر تشرين الأول لحصد موسم الزيتون هي اليوم تحت خطريْن: القذائف من جهة واشتعال أجرة العامل اليومي التي ارتفعت 100% من 10 إلى 20 دولاراً وما فوق من جهة ثانية, إضافةً إلى ذلك هناك التراجع الكبير في إيرادات الموسم في ظلّ شحّ غير مسبوق في حجم الإنتاج.
يوضح رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري خلال حديثٍ مع صحيفة "نداء الوطن", أنّ "الأحداث الأمنية دفعت أغلبية أهالي البلدات الجنوبية لا سيّما المحاذية للشريط الحدودي إلى النزوح باتجاه مناطق أكثر هدوءاً وأمناً. فبلدة كفرشوبا تراوحت نسبة النزوح منها ما بين 80 إلى 90%. وكانت مناطق بيروت, وصيدا, والبقاع, وحاصبيا وجهة أغلبية النازحين".
ويضيف: "النزوح من البلدة شمل السوريين أيضاً. وكنّا على أبواب موسم قطاف الزيتون, الذي ينتظره أهالي البلدة من عام إلى عام لما يحقّقه لهم من فوائد اقتصادية وغذائية. فكفرشوبا تمتلك ما يقارب الـ85000 شجرة زيتون, وبالتالي يعتبر موسم الزيتون من المواسم التي تحقّق لأصحاب الأراضي دخلاً ماديّاً إضافةً إلى تأمين مونة من الزيت والزيتون, إلا أن هذا العام خابت التوقّعات".
المشكلة هنا تمثّلت بفقدان اليد العاملة لحصد الموسم, حيث يشير القادري إلى أنّ "نزوح السوريين مع أهالي البلدة تسبّب في عدم توفّر اليد العاملة السورية التي كان يُعتمد عليها كل عام لجني محصول الزيتون. فأغلبية الأهالي كانوا يلجأون إلى العامل السوري لحصد مواسمهم, حتى أن الأهالي غير القاطنين في البلدة كانوا يستعينون بالعمالة السورية عبر تلزيمهم أراضيهم".
هذا "الشحّ غير المنتظر والكبير في اليد العاملة السورية, دفع بمن بقيَ في البلدة إلى استغلال الظرف ورفع ثمن أجرته إلى أكثر من الضعف", حسب ما يلفت القادري."فبعد أن حدّدنا في إتحاد بلديات العرقوب أجرة العامل بـ10 دولارات يومياً وأجرة العاملة بـ8 دولارات يومياً, جاءت الأحداث الأمنية الجنوبية الطارئة ونسفت كل التوقّعات المبنية على نجاح الموسم, حيث أصبحت أجرة اليد العاملة تفوق الـ20 دولاراً باليوم".
ويردف قائلاً: "حتى وفق هذا الأجر المرتفع, ليس من السهل إيجاد العامل. فأصبحنا بحاجة إلى تحديد موعد معه قبل 3 أو 4 أيام على الأقل. فأغلبية مالكي الأراضي يحاولون استغلال الأوقات التي تشهد هدوءاً من أجل حصد رزقهم, وهناك عدد من الذين نزحوا عادوا في محاولة منهم لجني لو القليل من محصولهم. لكن حتى يومنا هذا لم يتم قطف أكثر من 1000 شجرة من أصل 85000. لا يمكننا فعل أي شيء سوى انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة, فالحلول ليست بأيدينا".
هل هذه الحال تنطبق على أغلبية البلدات الحدودية, يجيب: "نعم, أغلبية البلدات الحدودية المحاذية للشريط كالخيام, كفركلا, عديسة, دير ميماس, بليدا, مركبا, وعيترون وغيرها… تعتمد على اليد العاملة السورية, حيث تبلغ نسبة العمالة السورية فيها ما بين 80 إلى 90%". ويختم القادري حديثه, متمنّياً أن "تهدأ الأوضاع وتعود الأمور إلى طبيعتها كي يتمكّن الأهالي من الاستفادة من الوقت المتبقّي لديهم, حيث إنّ موسم قطف الزيتون يستمرّ إلى أواخر تشرين الثاني تقريباً, ما سيسمح للمزارعين بجني رزقهم والتعويض ولو قليلاً عن خسائرهم".
(نداء الوطن)