ماذا يريد وزير العدل هنري خوري من قراره إحالة الهيئة الإدارية لنادي القضاة الى التفتيش القضائي؟ وهل قراره جاء من عندياته, أم مدفوعاً من الجهة السياسية التي يمثلها في الحكومة؟ ولكن أياً تكن الدوافع والدافعين, فإن الهدف محاولة إسكات النادي ومنعه من القيام بدوره, لاسيما ما يتصل بالإصلاح القضائي الذي يتأكد بالممارسة كم هي الحاجة له, لضمان عدم استخدام القضاء مطية لضرب الحريات وكم الأفواه, وآخر هذه الاستخدامات على سبيل المثال لا الحصر استدعاء النيابة العامة في بيروت لرئيس الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين كاسترو عبدالله للتحقيق معه في الشكوى المرفوعة ضده بتهمة تحريض العمال على المطالبة بحقوقهم, ما يطرح الكثير من التساؤلات ويثير المخاوف مجددًا على الحريات. وهو بكل حال ما تنبّه له الحزب التقدمي الإشتراكي, وأمس كان واضحاً بيان مفوضية العدل بهذا السياق, وكذلك بيان جبهة التحرر العمالي.
وفيما الملفات السياسية متوقّفة عند الحواجز المفتعلة, يواصل الموفد القطري لقاءاته في بيروت مستطلعاً الأفكار والمواقف العالقة عند حدود المصالح الضيقة لدى البعض, بينما البلد غارق بأزماته وآخرها ما يحكى عن رفع الدعم عن الخبز ابتداء من مطلع العام ٢٠٢٤ والتلويح بارتفاع سعر ربطة الخبز لتصل إلى مئة ألف ليرة في الربيع المقبل.
وفي هذا السياق نبهت مصادر مواكبة للمستجدات السياسية والاقتصادية عبر "الأنباء" الالكترونية من مغبة ابقاء الوضع على ما هو عليه وعدم الشروع في انتخاب الرئيس وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة, لأن ذلك سيؤدي الى الانهيار الحتمي لكل المقومات التي يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني, في ظل التعطيل الممنهج للمؤسسات, وفي ظل رفض مصرف لبنان استدانة الدولة منه. وسألت المصادر عن الأسباب التي تمنع الإدارات والمؤسسات المالية من معاودة عملها, وبالأخص الدوائر العقارية والنافعة والجمارك وغيرها.
المصادر توقعت إطالة أزمة الشغور الرئاسي سنة جديدة, معتبرة أنه من غير المعقول أن يبقى الوضع على ما هو عليه, وأن يبقى اللبنانيون تحت رحمة حكومة مستقيلة ممنوع عليها تصريف الأعمال ولو بالحد الأدنى, ومجلس نيابي معطل ممنوع عليه أن يعقد جلسات حتى لتشريع الضرورة.
توازيا, ومع التلويح برفع الدعم عن القمح والطحين لفت الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنيس أبو ذياب في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية إلى ان لا جديد فعلياً حتى الآن بما يتعلق برفع الدعم عن القمح والطحين, خاصة وأن مصرف لبنان سبق له وأخذ قراراً بعدم تمويل الدولة وعدم زيادة الكتلة النقدية, مشيراً إلى أن وضع الدولار بدأ يتراجع بعد أن أصبح الموسم السياحي على نهاياته, فهناك شح بالدولار, لكن في هذين الشهرين بحسب موازنة المصرف المركزي لقراءة موجوداته فإن رواتب القطاع العام مؤمنة حتى نهاية سنة ٢٠٢٣. وبتقدير أبو ذياب كان يجب رفع الدعم عن القمح منذ فترة طويلة لأن دعم السلع أثبت أنه باب للتهريب والمساواة بين الغني والفقير, وأضاف: "كان يجب أن يرفع الدعم عن القمح ومنح العائلات الأكثر فقراً بطاقات دعم بالدولار لشراء حاجتهم من الخبز".
ابو ذياب رأى أن كل هذه الملفات عالقة بانتظار الحلول الإصلاحية, لكن مع الأسف هناك بلوك سياسي في البلد لا يرغب بالإصلاح في مؤسسات الدولة, لكن لا حل إلا بتنفيذ الإصلاحات وإقرار البيانات المالية لموازنة ٢٠٢٤, لافتاً إلى أن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان دعا الى دراسة موازنة ٢٠٢٤ لأنه من غير المقبول الاستمرار بالصرف على القاعدة الاثني عشرية, لأن ذلك يحشر المصرف المركزي ويدفعه لطباعة العملة الوطنية, مكررا القول أن الحل يبدأ بالإصلاحات وإقرار مشاريع القوانين المحالة الى المجلس النيابي واعادة هيكلة القطاع المصرفي وإقرار قانون الكابيتول كونترول وإقرار موازنة ٢٠٢٤ حتى ولو لم ينتخب رئيس جمهورية, لأن إقرارها يخفف من حدة الأزمة ويساعد على تأمين ما بين ٣ الى ٤ مليارات دولار كحد أدنى لتأمين الاستيراد كي لا يقع لبنان في المجهول.
أبو ذياب أشار إلى أن "كل هذه المعطيات مرتبطة ببعضها لا سيما أنه بعد أسبوعين قد يعلن عن وجود غاز ونفط في البلوك ٩ وكيفية البدء باستخراجها, وهذا باب أمل جديد يجب مواكبته بحكومة فاعلة", وهو ما يعني انه بغياب المؤسسات فإن كل هذه الملفات ستكون موضع أزمات جديدة عوض أن تكون مدخلاً للحلول.
(الأنباء)