يواصل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري سَعيه الى إمرار المرحلة الحالية بأقل الخسائر الممكنة, من خلال اعتماد ضوابط داخلية, واعادة وصل ما انقطع مع الخارج.بعد تثبيت ركائز المرحلة الانتقالية نقديا وماليا في الداخل, كسرَ منصوري العزلة الخارجية التي كان يعانيها البنك المركزي في المرحلة الأخيرة من عهد رياض سلامة, وذلك عبر اطلالات عربية لا تخلو من الدلالات, فيما افادت معلومات انه زار أيضا إحدى العواصم الاوروبية بعيدا من الاضواء.
أولى علامات فتح "أقفال" الأبواب الموصدة تمثّلت في زيارة منصوري للسعودية حيث شارك في مؤتمر اتحاد المصارف العربية وعقد لقاءات في الكواليس مع شخصيات مالية واقتصادية, ثم شارك قبل أيام في مؤتمر محافظي وحكام المصارف المركزية العربية برعاية صندوق النقد العربي في الجزائر, على أن يزور مراكش قريباً لحضور اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وعلم ان اتحاد المصارف العربية يستعد لتنظيم مؤتمر قريب له في بيروت, مع الاشارة الى انه سيسبقه مؤتمر مُماثل في قطر الشهر المقبل. وليس خافياً انّ سلوك منصوري وُضع تحت مجهر الاوساط العربية والدولية التي تولّت رصد اتجاهاته منذ استلامه مهامه الجديدة. ويبدو ان هذه الفترة التجريبية سمحت ببدء إعادة ترميم الثقة في مصرف لبنان بعدما وصلت سابقاً إلى الحضيض.
وخلال تواجده في الجزائر التقى منصوري عددا من محافظي وحكام البنوك المركزية العربية الذين ناقشوا معه واقع الازمة في لبنان والفرَص الممكنة للخروج منها, وهو سمع منهم إشادة بالسياسة الجديدة التي يعتمدها في مقاربة الملف النقدي – المالي, لا سيما في ما خَص نمط ادارته لعملية ضبط سعر الصرف عبر استخدام العملة الوطنية ومن دون ضخ الدولار في السوق, معتبرين ان ما حققه على هذا الصعيد هو "إنجاز".
كذلك تبلّغ منصوري ممن التقاهم دعمهم التام لموقفه المتمسّك بتحقيق الإصلاحات الحيوية التي تسمح للدولة بالاعتماد على نفسها في تمويل احتياجاتها من جهة وباستقطاب الدعم من جهة أخرى.
واستنتجَ انّ اي مساهمة عربية في عملية الإنقاذ مرتبطة عضويا بإقرار تلك الإصلاحات, اي ان القرار المالي العربي يتوقف في نهاية المطاف على القرار السياسي الذي لم يصدر بعد في انتظار ان تنجح الدولة اللبنانية في امتحان بناء الثقة.
(الجمهورية)