أراد منظّمو "#مهرجان اليمّونة" وعدد من الأهالي والفعاليّات أن تتنسّم المنطقة شيئاً من الموسيقى والفرح, من خلال إحياء الدورة الثالثة من المهرجان مع الفنان حسام جنيد, لكنّ العراقيل ظهرت فجأة وخرج بيان تهديدٍ لمنع حصول الحفل بحجج دينيّة تارة وسياسيّة- ثقافيّة تارة أخرى. الحفل تمّ ليلة أمس, رغم محاولة منعه, لكنّ ما سبقه يضيء على ما يعترض الناشطين من إقامة حفلات فنّية في مناطق محدّدة. فماذا جرى؟
جُهّز المسرح بـ5000 كرسيّ, إلى جانب بحيرة اليمّونة التي بدا أنّها المكان الأمثل للمهرجان, بحيث تعكس مياهها وموسيقى الحفل معاً حياة البلدة.
وكان لاقى المهرجان نجاحاً فاق التوقّعات في دورته الثانية عام 2019, وتغلّب على العقبات التي وضعها البعض حينها من أهالي البلدة لمنعه.
اختلفت الآراء هذا العام بين القائمين على المهرجان وبين عدد من الأهالي الذين اعترضوا على إقامة الحفل بحجّة "مناسبة الأربعين لاستشهاد الإمام الحسين", ولكلّ طرف رأي يستند إليه, في منطقة ينتمي 70 في المئة من سكّانها إلى الطائفة الشيعيّة. ولا يزال الملتزمون دينيّاً في فترة حداد. وصدر بيان موقّع من شعبة "حزب الله" في اليمّونة, في 25 الشهر الجاري, يدعو إلى مقاطعة هذا الحفل وإلى استقالة أعضاء المجلس البلديّ في اليمّونة المحسوبين على "حزب الله", على اعتبار أنّ منظّمة الحفل هي السيدة صوفيا الشريف ابنة رئيس البلديّة طلال الشريف.
لم يتبنَّ الحزب البيان رسميّاً حيث جاء فيه أنّ "إقامة حفلاتٍ طربيّة في اليمّونة تنال من نصاعة تاريخها تحت عنوان السياحة".
وتمنّى البيان باسم شعبة اليمّونة من "أهالي البلدة ومن المعنيّين بالحفل ومن غير المعنيّين والمؤمنين بنهج المقاومة وأهدافها, مقاطعة الحفل لكي يحموا أنفسهم وذويهم من أيّ إثم ينتج عنه", وطلبوا من "منظّمي المهرجان, إن أرادوا خيرَ القرية والمجتمع, أن يبحثوا عن أنواع أخرى من الأنشطة, تعود بالفائدة على الجميع, من الأطفال والكبار والنساء, اقتصاديّاً وتربويّاً وثقافيّاً وأخلاقيّاً, لأنّ حفلات الغناء وما قد تتضمّنها (...) ليست الحلّ الناجع لمشاكلنا, بل هي تزيد في الطّين بلّة. ونحن على استعداد للتّعاون معهم لما فيه مصلحة القرية ومستقبلها".
وأضاف البيان: "بعد أن ثبُت لدينا الدور الكبير للسيّد رئيس بلدية اليمّونة في إقامة هذا الحفل على بحيرة اليمّونة دون أن يستشير أحداً من أعضاء البلديّة, تدعو شعبة اليمّونة في "حزب الله", أعضاء بلدية اليمّونة كافّة إلى الاستقالة من المجلس البلديّ فوراً, لكي لا يكونوا كالزوج المخدوع في ما يجري دون علمِهم".
في المقابل, استنكر القائمون على المهرجان استخدام دماء الإمام الحسين و"حزب الله" في مثل هذا الأمر لغايات شخصيّة لا تخرج عن نطاق البلدة, إذ "لا يدركون أنّ هذا المهرجان ليس أمراً خبيثاً, وأنّ حبّ المنظمين للحسين لا يقلّ عن حبّهم له",
وشدّد الشريف على أنّ "هؤلاء أنفسهم يجتمعون معارضين في كلّ دورة من المهرجان, ولهم في كلّ سنة حججٌ ما لأهداف شخصيّة تحت ستار الشرع والدين", واستنكر "التهديد الصريح من أحد الأشخاص في البلدة", مؤكّداً استمرار المهرجان رغم ما أشيع عن إلغائه, بحسب ما تداوله بعض مواقع التواصل الاجتماعيّ.
ورأى الشريف أنّ البلدة في حاجة إلى مثل هذه الأنشطة, خاصّة "أنّ البعض يعتبر ثقافة الحفلات بعيدة بعض الشيء عن ثقافتنا, وهناك نظرة تعتبرنا فئة مجتمعيّة منغلقة على نفسها, لاعتبارات دينيّة ومجتمعيّة, وتحاصر كافّة أماكن الحياة في البلدة بسبب قلّة النشاط الفنّي وغياب سياسة تنمية السياحة التي تعطي البلدة وبحيرتها ومحميّتها حقّها, خاصّة في فترة الصيف, ما يؤدّي إلى قتل البلدة وخنق أنفاسها بحجج متّصلة بغايات شخصيّة".
ويقول مايز الشريف من وجهاء البلدة أنّ "الحياة تستمرّ, فمهرجان اليمّونة ترجمة لمعاني الموسيقى ولقوّة وإصرار أهلها لجعل اليمّونة مصدر إلهام للحياة المفقودة ليلاً في محافظة #بعلبك الهرمل, وليس فقط في بلدة اليمّونة بمتنزّهاتها, خاصّة مع استتباب الأمن في المنطقة".
ورأى الناشط المدنيّ ورئيس منتدى بعلبك الإعلاميّ الزميل حكمت الشريف, إنّ "البيان المعارض يبدو أنّه جزء من خطّة ممنهجة ومتعمّدة لضرب وحدة الأسرة وزرع الفتنة في الجسد الواحد, بهدف تحقيق مكاسب بعيدة المنال", مشدّداً على "أنّ حكماء البلدة والحزب يستطيعون سريعاً وضع حدّ لهذه التصرّفات غير المسؤولة بعد التواصل معهم", مؤكّداً استغراب قيادات في الحزب مضمون البيان, ونفي علمها به قبل صدوره.