سجّل القطاع الصناعي خلال الأزمة أقل نسبة هجرة للعمال, وكان له دور مباشر في تشغيل اليد العاملة بسبب التوسع في خطوط الإنتاج وفتح المصانع الجديدة ما خلق فرص عمل جديدة, واليوم أصبحت أجور العاملين في القطاع مناسبة ونصف قيمتها تدفع بالدولار
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
أثبتت الصناعة في لبنان أنّها نموذج ناجح لقطاع ينمو وسط التحديات, فالنقمة التي ضربت كل القطاعات الإنتاجية خلال الأزمة الاقتصادية تحوّلت إلى نعمة على القطاع الصناعي الذي سجل زيادة في طلبات التصدير وتراجعاً في نسب الإستيراد, وذلك يعود للإنتاج اللبناني الذي أوجد نوعاً من المنافسة بنوعيته وأسعاره, علماً أنّ لبنان قبل الأزمة كان يستورد أكثر من 80% من حاجاته.
وتُظهر الدراسات الإحصائية الأخيرة زيادة في عدد المصانع الجديدة, إذ تخطّى عددها الـ 200 مصنعاً ما خلق مزيداً من فرص العمل للعاملين في الصناعة, الأمر يبشّر بنمو اقتصادي متوازنٍ وقادر على مواجهة التحدّيات المستقبلية في بلد “يحتضر”.
فكيف يقّيّم وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان واقع القطاع الصناعي في لبنان خلال سنوات الأزمة؟
يؤكد بوشكيان لـ “هنا لبنان” أنّ “الصناعة اللبنانية تمكنت رغم حدّة الأزمة الإقتصادية من تحقيق النمو والإزدهار والمحافظة على مكانتها”, قائلاً: “إصرار اللبنانيين وإيمانهم بالصناعة حوّل الأزمة إلى نعمة على القطاع الصناعي ما ساهم في صمود الإقتصاد وملء الفراغ في الأسواق الاستهلاكية, وذلك بعد أن بادر بعض المستثمرين إلى إطلاق العديد من المشاريع الإنتاجية بهدف تعزيز المنتج المحلي والحدّ من الاستيراد, وهكذا أصبحت الصناعة اللبنانية هي الداعم الأول للاقتصاد في الأسواق المحلية والخارجية”.
وأضاف بوشكيان: “الأزمة الاقتصادية كانت سبباً في تراجع كلفة الإنتاج وزيادة الطلب على المنتج اللبناني محلياً, وساهمت أيضاً بفتح أسواق جديدة للصناعة اللبنانية”.
إنخفاض فاتورة الاستيراد
بالعودة إلى الأرقام, نرى انتعاش الصناعة اللبنانية من خلال إنخفاض فاتورة الإستيراد من 17 مليار دولاراً إلى 10 مليارات, في حين بلغ حجم الصادرات خلال العام 2022 حوالى 4 مليارات دولار ومن المتوقع أن يشهد هذا العام مزيداً من الارتفاع, بحسب بوشكيان.
ولعلّ أبرز ما يميز القطاع الصناعي في لبنان هو السعي الدائم لتقديم نوعية جيدة وذات مواصفات عالية, إذ يلفت وزير الصناعة إلى أنّ “التزام المنتجات اللبنانية بالمواصفات والمقاييس الصادرة عن مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية (ليبنور) هو الذي فتح الباب أمام هذه المنتجات محلياً وخارجياً, داعيًاً المواطن اللبناني إلى الثقة بالمنتج الوطني ودعمه”.
200 مصنعاً حديثاً
إلى ذلك شهد لبنان مؤخراً افتتاح 200 مصنعاً حديثاً, مايشير إلى أنّ المناخ الاستثماري مؤاتٍ على الرغم من الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد, وهذا من شأنه خلق فرص عمل جديدة للبنانيين.
وفيما يخصّ العمالة اللبنانية في القطاع الصناعي يقول بوشكيان: “سجّل القطاع الصناعي خلال الأزمة أقل نسبة هجرة للعمال, وكان له دور مباشر في تشغيل اليد العاملة بسبب التوسع في خطوط الإنتاج وفتح المصانع الجديدة ما خلق فرص عمل جديدة, واليوم أصبحت أجور العاملين في القطاع مناسبة ونصف قيمتها تدفع بالدولار”.
أما بالنسبة للتحدّيات, فيؤكد بوشكيان: “لا مشاكل تواجه القطاع باستثناء تلك المتعلقة بالتمويل الصناعي”.
حوافز بالجملة
يؤكد وزير الصناعة أيضاً, أنّ “الدولة اللبنانية تعمل على تقديم مجموعة من الحوافز الاستثمارية كجزء من استراتيجياتها لجذب المستثمرين إلى قطاعات واعدة, كما تمنح الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة سلسلة من الإعفاءات والتخفيضات الضريبية لدعم المشاريع خلال كل مراحل الإنشاء”.
وينوّه بأهمية مشاركة لبنان في جميع المؤتمرات والمعارض الخارجية والعمل على جذب العديد من الإستثمارات في شتّى القطاعات.
“لا للصناعة غير الشرعية”
وفي معرض حديثه صعّد بوشكيان لهجته تجاه المصانع غير الشرعية, والتي من شأنها ضرب الاقتصاد الوطني والصناعة في آن واحد, مشدداً على أهمية دور السلطات المحلية والبلديات في التصدي لها حرصاً على المجتمع واقتصاده.
“قرض الإسكان” يحرّك الاقتصاد
وفي ما يخص مبادرة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وتحرير القرض المخصّص لمصرف الإسكان بقيمة 165 مليون دولار أميركي والذي كان مجمداً منذ العام 2019, يلفت وزير الصناعة إلى أنّ “هذا القرض سيحرّك الدورة الاقتصادية في لبنان, بعد أن يستفيد منه أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط لشراء شقة سكنية, الأمر الذي سيساهم في إحياء السوق العقارية المجمّد,ة إضافة إلى أنّ الصناعة ستستفيد أيضاً من الحركة العمرانية المقبلة على لبنان عبر تصريف المواد الأولية المصنّعة في المصانع المحلية عبر اليد العاملة اللبنانية, وتنشيط تصنيع المنتجات لزوم الشقق السكنية على أنواعها”.