فِي هَذِهِ اَللَّوْحَةِ اَلْمُذْهِلَةِ, تُقَدِّمُ لَنَا الفنانة التشكيلية, باسكال حرب, صُورَةٌ آسِرَةٌ لِرَجُلٍ عَجُوزٍ تُمَثِّلُ تَمْثِيلاً رَمْزِيًّا لِلْبَلَدِ اَلْخَالِدِ , لُبْنَان .
اَلشَّخْصِيَّةَ اَلْمُسِنَّةِ تَنْضَحُ بِالْقُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعَلَاقَةِ اَلْعَمِيقَةِ بِالْأَرْضِ اَلَّتِي صَمَدَتْ أَمَامَ اِخْتِبَارِ اَلزَّمَنِ . تَتَحَدَّثَ بَشَرَةَ اَلرَّجُلِ اَلْعَجُوزِ اَلْمُشْمِسَةِ عَنْ مُجَلَّدَاتٍ عَنْ مَوْقِعِ لُبْنَانَ اَلْجُغْرَافِيِّ عَلَى سَاحِلِ اَلْبَحْرِ اَلْأَبْيَضِ اَلْمُتَوَسِّطِ , حَيْثُ تَأَثَّرَ تَارِيخُهُ وَحَضَارَتُهُ بِعُمْقٍ بِالْبَحْرِ. جِلْدُهُ , مِثْلُهُ مِثْلٌ اَلْبِلَادِ , يَحْمِلَ بَصَمَاتِ قِصَصٍ وَرِحْلَاتٍ لَا حَصْرَ لَهَا عَبْرَ اَلْعُصُورِ.
بِشَعْرٍ أَبْيَضٍ كَالْجِبَالِ اَلْمُغَطَّاةِ بِالثُّلُوجِ , يَقِفَ اَلرَّجُلُ فَخُورًا, يَعْكِسَ قِمَمَ لُبْنَانَ اَلْمَهِيبَةِ اَلَّتِي شَهِدَتْ اِنْتِصَارَاتِ وَتَحَدِّيَاتِ طَوَالَ فَتْرَةِ وُجُودِهِ اَلطَّوِيلِ.
تُصوِّرُ اللوحة العلاقة العميقة بين الوطن وشعبه اَلْقُوَّةُ مَلَامِحَهُ تَرْمُزُ إِلَى صُمُودِ لُبْنَانَ اَلَّذِي تَجَسَّدَ فِي قُدْرَتِهِ عَلَى اَلصُّمُودِ وَالِازْدِهَارِ رَغْمَ اَلْمِحَنِ .
يَعْكِسَ وُجْهَةً, اَلْمَلِيءَ بِالتَّجَاعِيدِ, اَلْخِبْرَةُ اَلْعَمِيقَةُ وَالْحِكْمَةُ اَلْمُتَرَاكِمَةُ عَبْرَ اَلْقُرُونِ , مُرَدِّدًا اَلنَّسِيجَ اَلْغَنِيَّ لِلتُّرَاثِ اَلثَّقَافِيِّ اَللُّبْنَانِيِّ . عُيُونُ اَلرَّجُلِ , اَلْمَلِيئَةَ بِالْإِصْرَارِ , تَحَمُّلُ ثِقْلِ اَلتَّارِيخِ , إِذْ شَهِدَتْ صُعُودَ وَسُقُوطَ اَلْإِمْبِرَاطُورِيَّاتِ وَرُوحِ اَلشَّعْبِ اَللُّبْنَانِيِّ اَلَّتِي لَا تَلِينُ.
تَصَوُّرُ اَللَّوْحَةِ بِشَكْلٍ جَمِيلٍ اَلرَّجُلِ اَلَّذِي يَقِفُ بِحَزْمٍ فِي وَجْهِ اَلرِّيَاحِ اَلْعَاتِيَةِ , عَلَى غِرَارِ صُمُودِ لُبْنَانَ وَسَطَ عَوَاصِفِ اَلتَّارِيخِ.
مَوْقِفُهُ اَلثَّابِتُ يَرْمُزُ إِلَى تَصْمِيمِ اَلدَّوْلَةِ عَلَى اَلصُّمُودِ فِي وَجْهِ اَلتَّحَدِّيَاتِ وَالْبَقَاءِ رَاسِخًا فِي هُوِيَّتِهَا . اَلْخَلْفِيَّةُ اَلذَّهَبِيَّةُ , اَلَّتِي تُمَثِّلُ مَدِينَةَ اَلشَّمْسِ , تُجَسِّدَ جَوْهَرَ اَلتُّرَاثِ اَلذَّهَبِيِّ لِلُبْنَان . إِنَّهُ يَتَحَدَّثُ عَنْ أَرْضٍ تَنَعَّمَتْ بِدِفْءِ حَضَارَاتٍ لَا حَصْرَ لَهَا , وَاَلَّتِي شَكَّلَتْ مُسَاهَمَاتِهَا هُوِيَّتَهَا.
أَمَّا اَللَّوْنُ اَلْبَنَفْسَجِيُّ فَهُوَ اَللَّوْنُ اَلَّذِي اِشْتَهَرَتْ بِهِ حَضَارَةُ هَذِهِ اَلْمِنْطَقَةِ قَدِيمًا وَمَعَ ذَلِكَ , وَكَمَا تَكْشِفُ اَلْجُيُوبُ تَحْتَ عَيْنَيْهِ, هُنَاكَ مَا يُشِيرُ إِلَى اَلتَّعَبِ , يَعْكِسَ رِحْلَةَ لُبْنَانَ فِي اَلنِّضَالِ وَالتَّحَمُّلِ. مِثْلٌ أَيِّ أُمَّةٍ لَهَا تَارِيخٌ طَوِيلٌ , فَإِنَّ أَعْبَاءَ اَلْمَاضِي تُثْقِلُ كَاهِلَهَا. وَمَعَ ذَلِكَ , فَإِنَّ هَذَا اَلْإِرْهَاقِ لَيْسَ اِسْتِسْلَامًا بَلْ قُوَّةً , يُذَكِّرُنَا أَنَّ صُمُودَ لُبْنَانَ يَنْبُعُ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى اَلتَّكَيُّفِ وَالتَّعَلُّمِ وَالنُّمُوِّ.
فِي هَذَا اَلتَّصْوِيرِ اَلْمُؤَثِّرِ , نَجَحَتْ فِي تَغْلِيفِ جَوْهَرِ لُبْنَانَ مِنْ خِلَالِ شَخْصِيَّةِ رَجُلٍ عَجُوزٍ وَقَوِيٌّ.
بَلَدٌ صَمَدَ أَمَامَ اِخْتِبَارَاتِ اَلزَّمَنِ , قِصَّةُ لُبْنَانَ هِيَ قِصَّةُ قُوَّةٍ وَحِكْمَةٍ وَرُوحٍ لَا تَتَزَعْزَعُ , إِرْثٌ يَنْعَكِسُ فِي شَخْصِيَّةِ شَعْبِهِ.
مِنْ خِلَالِ هَذِهِ اَللَّوْحَةِ اَلْمُدْهِشَةِ , نَحْنُ مَدْعُوُّونَ لِلتَّفْكِيرِ فِي اَلْعَلَاقَةِ اَلْعَمِيقَةِ بَيْنَ اَلْأُمَّةِ وَشَعْبِهَا, حَيْثُ تَتَجَاوَزُ اَللَّوْحَةُ اَللَّوْحَةُ اَلْقُمَاشِيَّةُ , وَتَتَرَدَّدَ صَدَاهَا مَعَ رُوحِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي تَعْتَزُّ بِهَا إِلَى اَلْأَبَدِ.