الرأي
الأرض تغلي... والسبب هنا ليس اقتصاديا أو اجتماعيا أو معيشيّا, إنما حراريّا, بفعل موجة الحرّ غير الاعتيادية التي لفّت الكرة الارضية في الساعات الماضية. جنون الطقس شاهدنا تداعياته أينما كان: حرائق في كاليفورنيا وفي مناطق واسعة من اسبانيا, فيضانات في دولٍ آسيويّة, هجمة بشرية على الشواطئ جنوبي أوروبا هرباً من الحرّ الشديد... وكما في العالم كذلك في لبنان, حرّ شديد "قطعلنا نفسنا"... فماذا يحصل؟
يؤكد مدير برنامج الأراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند الدكتور جورج متري أننا نسجّل اليوم تطرّفاتٍ مناخية نشهدها للمرة الاولى في التاريخ, مذكّراً بدرجات الحرارة المرتفعة عالميّاً التي سُجّلت قبل أسبوعين وشكّلت أرقامًا قياسيّة ولثلاثةِ أيام متتالية.
ويشدد متري, في حديث لموقع mtv, على أن الاحتباس الحراري هو من العوامل الأساسية لما نشهده اليوم من "كوارث طبيعية لا علاقة لها بالطبيعة" وفق قوله, حيث أن الحرائق التي اعتدنا مشاهدتها في تشرين خلال فترة الجفاف, باتت تحصل في حزيران كما اصبحت تمتد لأسابيع وليس ليومين أو ثلاثة وبالتالي المساحات المحترقة زادت أيضا.
"كل كارثة تجرّ كارثة أخرى", وفق متري, "لأن الحرائق تؤثر على البيئة ككل وعلى الغطاء الحرجي والمياه كما انها تزيد من الجفاف", ويشير إلى أنه حين يصبح مناخنا غير سليم, يصبح من الصعب التنبؤ بما قد ينتظرنا في المستقبل, غير أن ما هو مؤكّد أننا سنشهد كوارث بوتيرة مرتفعة ومواسم الحرائق التي كانت تمتدّ لشهرين ستصبح 6 أشهر, وسنشهدها في مناطق غير اعتيادية, كالحرائق المستجدة في غابات الارز وجبال لبنان العالية التي يزيد ارتفاعها عن 1500 متر, وحرائق عكار في تموز من العام 2021 والتي تبعتها فيضانات بعد أيام.
ويحذر متري من أن مناخ العالم اليوم يشبه أحجار الدومينو التي بدأت تتساقط, ولا حلول أمامنا سوى وضع خطط تقينا الكوارث التي تنتظرنا لناحية الوقاية من الحرائق وزيادة المناطق الحرجية والغطاء الشجري وإنشاء البرك المائية لحماية أنفسنا من فترات جفاف طويلة في المستقبل...
هي جهنّم فتحت أبوابها على الأرض, بعد أن جَنَينا على أنفسنا بكل أعمالنا والانبعاثات الصادرة عنا.. لكن أقلّه هذه المرّة لسنا وحدنا... جهنّم الطقس نتقاسمها مع العالم أجمع!
سينتيا سركيس