لبنان الجنّة لم يعد كذلك. هواؤه ملوّث, تربته, ومياهه أيضًا. اللبناني محاصر وصحّته الضحية.
تتعدّد مسببات تلوّث مياه البحر, إلّا أنّ النتيجة واحدة وهي أنّ الثروة السمكية ملوّثة. فماذا يأكل اللبناني؟
يستورد لبنان النسبة الأكبر من حاجة السوق إلى الأسماك وتخضع هذه الكميات إلى الرقابة على المعابر الرسميّة. ويؤكّد رئيس مجلس إدارة ومدير عام الأسواق الاستهلاكية اللبنانية زياد شيّا أنّ سوق السمك يقوم بدوره لناحية الصلاحيات الموكلة إليه بالقانون, إلّا أنّ الفحوصات المخبرية الدورية تقع على عاتق وزارتي الزراعة والصحّة. ويوضح, في حديث لموقع mtv, أنّ "حجم الرقابة التي تقوم بها الوزارتان خجولة وقد انخفضت وتيرتها مع الأزمة الاقتصادية", مضيفًا: "هذا الواقع يدفعنا إلى الطلب مراراً منهما القيام بكبسات رقابية خصوصًا وأنّ معدّات الفحوصات متوفرّة لديهما".
ويتابع: "نقوم بعمل ذاتي ولا يمكن الحديث عن خروقات كبيرة وما يسجّل نعالجه سريعًا", معوّلًا على عين فريق المراقبين في السوق التي كوّنت خبرة تزيد عن 20 سنة.
لا يقتصر ضرر تلوّث مياه البحر على الثروة السمكيّة المهدّدة خصوصًا بالبلاستيك, إنّما يطال الإنسان بسلسلته الغذائية أكان من الأسماك أو من الطحالب.
ولا يمكن للبناني بالعين المجرّدة التمييز بين سمكة ملوّثة وأخرى صالحة للأكل إلّا عندما يتناولها. والفصل هنا هي لمناعة الشخص ونسبة التلوّث التي قد تكون دخلت معدته, فإذا ارتفعت النسبة قد يضطرّ حينها إلى دخول المستشفى.
ويدعو شيّا المواطن إلى التنبّه لما يتناوله خصوصًا أنّ المسامك الصغيرة خارج صلاحياته, ويدعو وزارتي الصحّة والزراعة إلى المؤازرة لضبط الإيقاع والتأكّد من سلامة الأسماك.
قد يكون لون المياه مؤشّراً واضحاً لوجود تلّوث أو لا. ولذلك على رواد البحر أن يتنبّهوا لقرب الشاطئ من مكّبات النفايات والصرف الصحي ومحطات توليد الطاقة... وألّا يقصدوا هذه الرقع البحرية. لكن ماذا يحصل إذا تعرّض شخص للمياه الملوثّة؟ يشرح الاختصاصي في الأمراض الجلدية روي مطران أنّ "التلوث الكيميائي لمياه البحر يُؤدي إلى حساسية الجلد". ويقول: "كلّما زادت مدّة التعرّض للمياه الملوّثة كلمّا زادت حدّة الحساسيّة, ويجب سريعًا التواصل مع الطبيب وغالبًا العلاج يكون دواءً مكونًا من الكورتيزون". وينصح كل من يتعرّض لمياه ملوثّة بالاستحمام سريعًا بالمياه الحلوة لمنع التصاق الجزئيات الملوّثة بالجلد لفترة طويلة.
إنّ ما أظهره التقرير السنوي الـ 38 عن "الواقع البيئي للشاطئ اللبناني" ليس بخبر جديد. بحرنا يدفع ثمن ما ارتكبته أيدينا من إهمال وسوء في الإدارة وغياب للرقابة والتقصير المتعمّد, وكذلك نحن.
مريم حرب