الرأي:
ناموا طلاباً في صفّ "البريفيه", ليل الثلاثاء 20 حزيران 2023, وهم يعدّون العدّة لكيفيّة متابعة التحضير للامتحانات الرسمية, واستيقظوا طلاباً في صفّ "الأول ثانوي" صباح الأربعاء 21 حزيران 2023, يتلقّون التهاني لانتقالهم من المرحلة المتوسّطة الى الثانوية, بـ "كبسة زرّ".
في الشكل, قد يكون هذا الخبر مُفرِحاً لعدد من الطلاب. ولكنّه قد يكون صادماً لبعضهم الآخر, انطلاقاً من أمور كثيرة, أبرزها أنه يحقّ للطالب بمعرفة مثل تلك القرارات منذ شهر شباط في حدّ أدنى, حتى يتسنّى له أن يتعامل مع امتحاناته في المدرسة (الأسبوعية, أو الشهرية, أو الفصلية) على أساس أنها هي التي ستحدّد ما إذا كان سينجح في نهاية العام الدراسي أو لا, إذ لا امتحانات رسمية. وهو ما كان سيجعل الكثير من الطلاب يركّزون على تفاصيل معيّنة, سمحوا لأنفسهم بإهمالها بعض الشيء ربما, بحثاً عن توفير طاقتهم القصوى لـ "التقديم".
هذا من ناحية, أما من ناحية أخرى, ما هي هذه الدولة التي تربّي شعبها منذ الصّغَر على قرارات اللّحظات الأخيرة, وذلك رغم أنها تكون على علم بما يحصل, وبما تريد فعله, وبالقرارات التي يتوجّب اتّخاذها, منذ وقت طويل؟
فنحن لا نصدّق أن فلاناً جلس على طاولة مجلس الوزراء أمس, يستمع الى وجوب إلغاء امتحانات "البريفيه" الرسمية لهذا العام, كالزّوج المخدوع. نعم, لا نصدّق, لأن المخدوع الوحيد في هذا البلد هو المواطن اللبناني, منذ لحظة ولادته الأولى, وحتى وفاته.
فإلغاء امتحانات "البريفيه" أمس, بهذا الشكل, يذكّرنا بالتطمينات حول الوضع المالي في لبنان, التي بقيَت ترافقنا الى ما قبل 17 تشرين الأول 2019 بقليل, الى أن وقعت الكارثة, وضاع كل شيء, وبدأت أوراق الانهيار تتطاير, مع التبريرات الكاملة لها.
هذا هو بلدنا مع الأسف. مشكلة ترافقنا منذ الصِّغَر, كالنّقش في الحَجْر, وحتى لو دُمِّرَ البشر. دولة تعلم بكل شيء, وبما يجب فعله, فتأكل وتشرب وتنام, وتصحو فجأة في أحد الأيام مُعلِنَةً أن أزمنة الجوع والتّعب, بدأت.
أشار مصدر مُتابع الى أنه "كيف لا يحصل ذلك, وكيف لا نعيش تحت رحمة القرارات العشوائية, طالما أن المعيار الوحيد لدى الجميع هو البحث عن رئيس للجمهورية, وعن رئيس للحكومة, وعن الأسماء, والحصص السياسية الأكبر, فيما البلد تسيّره الفوضى وقرارات اللحظات الأخيرة".
ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "كل مسؤول يريد أن يكون رئيساً, أو وزيراً ونائباً الى الأبد. وهذا المرض يضرب أي إسم يُطرَح لأي منصب, وحتى أولئك الذين يقولون إنهم يعملون من أجل التغيير. فهؤلاء كلّهم يصمتون عن الأخطاء, ويسايرون تحت وفوق الطاولة. ومن يقول إنه لا يفعل ذلك, لا تصدّقوه".
وأوضح المصدر أنه "إذا كان المسؤول المالي والاقتصادي, وليس السياسي فقط, يضحك لهذه الجهة, ويساير تلك, بحثاً عن مصلحة شخصية, فمن يمكنه أن يوفّر الحقيقة للمواطن بوقتها؟ ومن يدير شؤون البلد والناس؟ وكيف يكون سبيل الخروج من حالة عَدَم اليقين؟".
وختم: "إلغاء امتحانات "البريفيه" الرسمية بالشكل الذي حصل, ليس أكثر من صورة تبيّن تهوُّر الجميع. فكل مسؤول على كرسيّه هو مشروع لمنصب أعلى في الدولة. فكيف يركّز على الجوانب الدقيقة في عمله, وحتى لو اضطُّر للاختلاف مع الجهة السياسية التي يتبع لها؟ وكيف يسير البلد كما يجب في تلك الحالة؟ ومن يقول إفعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك, بصوت عالٍ, ومهما بلغت الكلفة عليه؟ هذا هو لبنان, ولا تطلبوا أكثر من ذلك".
المصدر:mtv