الرأي:
تدفع الدبلوماسية اللبنانية ثمن التعيينات العشوائية التي كان يقوم بها جبران باسيل عندما كان وزيراً للخارجية, والتي كانت تمرّر في جلسات مجلس الوزارء من خارج جدول الأعمال, وقد لجأ باسيل إلى تعيين سفراء من خارج الملاك, من ضمنهم مدير مكتبه رامي عدوان بحجة أنه صديق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الـ ENA
كتبت ريمان ضو لـ "هنا لبنان":
"سفير لبنان لدى فرنسا متهم بالإغتصاب وممارسات عنفية", عنوان تصدّر الصحف الفرنسية والأوروبية, ليكون مسماراً جديداً في نعش سمعة لبنان الخارجية. فبعد الأرقام القياسية التي سجلها لبنان في سجلات الفساد والسرقة والإنهيار الاقتصادي الأسرع في التاريخ, ها هو الانهيار الاقتصادي والاجتماعي يترافق مع انهيار أخلاقي بسبب ملاحقة سفير لبنان في فرنسا ملاحق قضائياً بتهم لا أخلاقية.
عدوان ملاحق قضائياً في باريس منذ العام 2020 بعد شكويين تقدّمت بهما موظّفتان سابقتان في السفارة, والوكيل القانوني للسفير المحامي كريم بيلوني لم ينفِ ذلك وقال إنّ موكّله وإن كان ينفي كل اتّهام بالاعتداء من أي نوع كان سواء لفظي أو أخلاقي أو جنسي لكنه يقرّ أنّه أقام مع هاتين المرأتين بين العامين 2018 و2022 علاقات غرامية تخلّلتها خلافات وحالات انفصال.
يؤكد مصدر دبلوماسي لـ "هنا لبنان" أنّ القضاء الفرنسي لا يستطيع حالياً إيقاف عدوان بسبب حصانته الدبلوماسية, لذلك لجأت وزارة الخارجية الفرنسية إلى الطلب من الخارجية اللبنانية رسمياً رفع الحصانة عنه من أجل تسهيل العمل القضائي.
ويضيف المصدر "أنّه كان يتوجب أخلاقياً على الخارجية اللبنانية, انطلاقاً من الحرص على أفضل العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا والحفاظ على سمعة لبنان, أن تطلب من عدوان ترك منصبه والالتحاق بالخارجية اللبنانية تمهيداً لاتّخاذ إجراءات مسلكية بحقه أو على الأقل انتظار قرار القضاء الفرنسي في القضيتين المرفوعتين ضده".
ويشير المصدر نقلاً عن أحد العاملين السابقين في السفارة اللبنانية في فرنسا, إلى أنّ عدوان كان معروفاً بمعاملته السيئة للدبلوماسيين والعاملين في السفارة, من لبنانين وفرنسيين, حيث كانت تصيبه نوبات غضب غير طبيعية, ويقول العامل في السفارة إنّ ما يتم الحديث عنه "c’est peu" من ممارسات عدوان.
ويقول المصدر إنّ المطلوب موقف واضح من الخارجية اللبنانية حتى قبل صدور الحكم من القضاء الفرنسي, بسحب عدوان, وهو إجراء سبق ولجأت إليه الخارجية اللبنانية في السابق, عندما اتّهم أحد السفراء بالعمل بتجارة غير شرعية, فاستدعته الخارجية اللبنانية بعد فضح أمره.
أما إذا ما رفضت الخارجية اللبنانية اتخاذ أي إجراء, ورضخ عبد الله بو حبيب لرغبة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل, الذي لن يرغب طبعاً باستدعاء مدير مكتبه السابق, فإنّ الخارجية الفرنسية قد تلجأ إلى طرد السفير الفرنسي على اعتباره persona non grata أي شخصاً غير مرغوب فيه, وذلك وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي وقّعت عام 1961.
ويشير المصدر إلى أنّ طرد سفير لبناني من أي بلد بسبب ممارساته اللا أخلاقية, يعتبر سابقة في تاريخ الدبلوماسية اللبنانية, ويذكر المصدر أن حالة طرد واحدة حصلت لسفير لبناني من دولة أفريقية منذ نحو عشر سنوات وذلك بسبب لقاء السفير مع معارضين لرئيس جمهورية تلك الدولة, مما أثار غضب الرئيس فطلب طرده.
ويؤكد المصدر أن الدبلوماسية اللبنانية تدفع ثمن ممارسات جبران باسيل عندما كان وزيراً للخارجية, وتستمر بدفع الثمن من خلال حجز الرئيس السابق ميشال عون التشكيلات الدبلوماسية وعدم توقيعها بسبب رفض تعيين هادي هاشم سفيراً للبنان في واشنطن.
ويكشف المصدر أنّ باسيل سبق وأخفى من الخارجية اللبنانية عندما كان وزيراً ملف الشبهات وسوء السلوك عن رامي عدوان في هولندا.
أما عن توقيت نشر الخبر في موقع mediapart الفرنسي, فيشير المصدر الى أنّ الموقع المذكور يتمتع بمصداقية عالية ولا يرضخ لأي ضغوطات فرنسية أو خارجية, ويلمح المصدر إلى أنّه قد تكون هناك محاولة فرنسية لإخفاء الأمر في السابق وخروجه إلى العلن خصوصاً أنّ القضية تعود للعام 2020, إلا أنّ الموقع الذي نشر القضية هو موقع متخصص بالتحقيقات القضائية والاستقصائية ولديه مصداقية واسعة ولا يمكن أن تتعرض لأي ضغط بعدم النشر.
الأكيد أنّ الدبلوماسية اللبنانية تدفع ثمن التعيينات العشوائية التي كان يقوم بها جبران باسيل عندما كان وزيراً للخارجية, فهذه التشكيلات كانت تمرّر في جلسات مجلس الوزارء من خارج جدول الأعمال, وقد لجأ باسيل إلى تعيين سفراء من خارج الملاك, من ضمنهم مدير مكتبه رامي عدوان بحجة أنه صديق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الـ ENA, إلّا أنّ الرياح لم تجرِ كما شاءت سفن باسيل, فلم تنفع صداقة عدوان المزعومة بإقناع الرئيس الفرنسي بتبني ترشيحه لرئاسة الجمهورية, لا بالعكس فقد أتته الضربة القاضية بترشيح صديقه اللدود سليمان فرنجية.
المصدر:هنا لبنان