الرأي:
ملف الامتحانات الرسمية لم يخرج من عنق الزجاجة بعد, ليس بسبب إضراب أساتذة الرسمي في التعليم الثانوي وحسب, بل لإصرار المدارس الخاصة على عدم تخفيض المناهج التي سيمتحن بها الطلاب من ناحية, ولرفضها إجراء امتحانات بمواد اختيارية كما حصل العام الفائت. في المقابل تصر وزارة التربية على تخفيض المناهج وإجراء امتحانات اختيارية. وفي حال توصل الطرفان إلى حل وسط, الموعد المفترض للامتحانات هو بداية شهر تموز المقبل.
لقاء عاصف في الوزارة
في محاولة لتذليل العقبات عقد اجتماع تربوي في وزارة التربية, غاب عنه الوزير عباس الحلبي, يوم أمس الخميس في 6 نيسان. وضم الاجتماع إلى المدير العام للتربية بالتكليف عماد الأشقر, مسؤولين في الوزارة, إضافة إلى رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء, هيام إسحق, ومنسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر, وأعضاء الاتحاد.
في البيان الرسمي الذي صدر عن المجتمعين تم التشديد على إجراء الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة, وسط إصرار اتحاد المؤسسات التربوية على إجراء الامتحانات الرسمية في الشهادتين المتوسطة والثانوية بصورة كاملة, وتحديد موعد الامتحانات الرسمية في بداية شهر تموز, والاستغناء عن المواد الاختيارية, مع عدم الممانعة في مبدأ تقليص المناهج. وكذلك عرضت رئيسة المركز التربوي نتائج الدراسة الميدانية لمعرفة الفصول المنجزة من المناهج المقررة للعام الدراسي الحالي, في كل من القطاعين الرسمي والخاص. وأظهرت الدراسة أن القطاع الخاص حقق نسبة متدنية من المناهج, على الرغم من عدم انقطاعه عن التعليم.
مصادر "المدن" أكدت أن الاجتماع كان عاصفاً لا سيما أن اتحاد المدارس لم يبد أي تفهم لعدم تمكن المدارس الرسمية من إنجاز أكثر من 35 بالمئة من المناهج, بسبب إضراب الأساتذة. فممثلو الاتحاد يصرون على عدم إدخال المواد الاختيارية وعدم تقليص المناهج التي من شأنها خفض مستوى الشهادة في القطاع الخاص. بينما الوزارة تصر على أن العام الدراسي هذه السنة كارثي أكثر من العام الفائت, وطالبت بتخفيض المناهج إلى نحو خمسين بالمئة. فالمدارس الرسمية لم تنجز أكثر من 35 بالمئة من المناهج, وتحتاج إلى ما تبقى من أيام من العام الدراسي لإنجاز نحو خمسين بالمئة من المناهج. كما أن إدخال المواد الاختيارية كان العام الدراسي الفائت, ولا يجوز التخلي عنها هذه السنة, في وقت يعتبر العام الدراسي الحالي أسوأ بكثير من العام الفائت.
خلافات على العينة الإحصائية
ووفق المصادر, عرضت الوزارة إحصاءاتها حول سير التدريس في المدارس الخاصة والرسمية. وتبين من العينة أن النسب المئوية التي أنجزت من مناهج الثانوية العامة هي كالتالي: في مادة العلوم العامة 35 بالمئة في الرسمي و51 بالمئة في الخاص. ومادة علوم حياة, في الرسمي 38 بالمئة وفي الخاص 55 بالمئة. وفي مادة آداب وانسانيات, في الرسمي 32 بالمئة وفي الخاص 50 بالمئة. وفي مادة اجتماع واقتصاد, في الرسمي 36 بالمئة وفي الخاص 55 بالمئة. وبشكل عام تبين وفق الوزارة أن القطاع الخاص أنجز نحو 47 بالمئة من المناهج, بينما القطاع الرسمي أنجز نحو 35 بالمئة فقط.
وتضيف المصادر أن اتحاد المدارس الخاصة اعترض على هذه النسب, وعرض السير في المناهج في المدارس الكبرى في البلد, أي في مدارس المقاصد والمصطفى والأمل والحريري والانجيلية والكاثوليكية وحتى في الارساليات والبعثات, غير التابعة للاتحاد, والذي يظهر أنها أنجزت المنهاج بالكامل, وأن الطلاب جاهزون للامتحان. وطالب الاتحاد بمعرفة العينة التي استند عليها المركز التربوي واسماء المدارس التي تم اختيارها. وتبين له, من أسماء المدارس المختارة, أن العينة لا تمثل غالبية المدارس الخاصة في لبنان, بل تمثل بعض المدارس الخاصة التي تشبه المدارس الرسمية. وبالتالي, العينة غير عشوائية بل أتت غب الطلب للقول إن المدارس الخاصة لم تنه المناهج, ما يبرر تقليص المناهج والمواد الاختيارية.
في المقابل أكدت مصادر الوزارة أن العينة التي اختارها المركز للتربوي تمثل المدارس الخاصة بشقيها الجيد والرديء, ما أدى إلى انخفاض المعدل الوسطي للسير بالمناهج بشكل عام.
ووفق المصادر, رفض اتحاد المدارس هذه العينة لأنها معيبة بحق غالبية المدارس الخاصة في لبنان. وحتى لو قبل بها الاتحاد لمجاراة وزارة التربية سيفقد ثقة أهالي الطلاب, الذي يعانون لتأمين الأقساط, والذين يعلمون أن أولادهم أنهوا البرامج وباتوا في مرحلة مراجعة الدروس استعداداً للامتحانات.
خلاف على موعد الامتحانات الرسمية
وتضيف المصادر أن اتحاد المدارس طالب بتأجيل الامتحانات الرسمية لشهادة الثانوي للقطاع الرسمي وتقليص البرامج للطلاب, مقابل إجرائها لطلاب المدارس الخاصة بعد ثلاثة أسابيع طالما أنهم أنهوا البرامج, وأن تكون كاملة من دون تخفيض المناهج. ومرد هذا الطلب أنه لا يجوز تخفيض مستوى الامتحانات لأكثر من سبعين بالمئة من الطلاب, لأن أقل من ثلاثين بالمئة منهم في الرسمي لم ينهوا الدروس بسبب إضراب الأساتذة. لكن الوزارة رفضت هذا الطلب وسط إصرار على أن الامتحانات هي وطنية ولا يجوز إجراؤها لطالب دون الآخر, هذا فضلاً عن المس بالدستور لناحية المساواة والعدالة في التعليم.
الإصرار على امتحانات البروفيه
ولفتت المصادر إلى أن وزارة التربية مصرة على اجراء امتحانات المتوسط, بينما اتحاد المدارس الخاصة يطالب بعدم إجرائها, لا سيما أنها لم تعد معتمدة في العالم. ليس هذا فحسب بل اقترح الاتحاد إلغاء الشهادة المتوسطة لأسباب مالية, خصوصاً أن وزارة التربية تريد تمويل هذه الامتحانات من الدول المانحة. وبالتالي, من الأفضل عدم صرف أموال على هذه الشهادة, لصالح التركيز على تعليم طلاب الثانوي, في ظل إضراب الأساتذة.
وأبعد من ذلك اقترح الاتحاد اجراء الامتحانات الرسمية لطلاب المدارس الخاصة بعد أسبوعين, مقابل تعهد المدارس الخاصة فتح أبوابها, وتجنيد أساتذتها مجاناً لتعليم طلاب شهادة الثانوي في القطاع الرسمي لمدة شهر ونصف, ليصار بعدها إلى إجراء الامتحانات بالرسمية لهم, طالما أن أساتذة الثانوي في الملاك الرسمي مضربون عن التعليم. لكن كل مسؤولي الوزارة الحاضرون احتجوا على هذا الاقتراح. واعتبروا أنه معيب بحق وزارة التربية, ومن شأنه فتح أبواب جهنم على الوزارة وعلى المدارس الخاصة.
ووفق المصادر, لن تقبل وزارة التربية بمطالب الاتحاد. وقد اتخذ القرار بإجراء الامتحانات الرسمية بعد تقليص المناهج وسيصار إلى اعتماد المواد الاختيارية. لكن الأمر مرتبط بحل قضية إضراب أساتذة الثانوي في القطاع الرسمي, لإنهاء العام الدراسي
المصدر:mtv