كتبت مارينا عندس:
صبرت البقاع وناضلت خلال حقباتٍ كثيرةٍ من أجل أبنائها على مرّ السّنين, وها هي اليوم تُثبت بكل حبٍ وانتماءٍ لأبنائها, أنّها مدينة راقية تستقطب كل جديدٍ لأنّ قلوب ناسها تتّسع الفرح والحب رغم كل الأزمات.
صحيح أنّ الدّولار يُلامس الـ50 ألف ليرة لبنانيّة, ولكن رغم هذه الضّيقة الماليّة, زحلة اليوم مدينة تشعّ بالسلام والفرح, فالحياة التي تضج بشوراعها, ونهرها الذي استعاد مجده قد ايقظا شعور الانتماء والفخر للكثير من أهالي زحلة ليستقبلوا الميلاد بفرحٍ عظيمٍ. وكأنّ زحلة, تريد القول إنّها ترفض الذّل والتّخويف التي لطالما سمعناه من حكّامنا, لتزّين وديانها وشوارعها وكنائسها وفنادقها, بحلل العيد الرّائعة.
وها هي اليوم, مدينة زحلة احتفلت بعيد الميلاد المجيد, حيث تم تزيين وإضاءة دير مار الياس الطوق بالالوان البنفسجيّة الرّائعة والتي لا يمكنك أن تشعر بقدسيّة هذا المكان إلا من خلال زيارته, ولا يمكننا التكلم عن زينة زحلة إلّا وكان لهذا الدّير حصّته الكبرى. أمّا حديقة الشعراء, التي تسمّى على الطّريقة الزحلاويّة "الممشيّة", تتحوّل هذا العام إلى مدينةٍ ميلاديّةٍ عملاقةٍ, تشعّ نورًا بالألوان الفرحة.
البولفار المضيء يرحّب بك عند دخول المدينة, وسوق شوارعها يكتظّ بسكان المنطقة وناسها, ولا يخلو الأمر من استقبال السّياح والأجانب والمغتربين.
وائل كفوري يفتتح شارعًا
ظهر النجم اللبناني وائل كفوري, على أهالي منطقته في مدينة زحلة البقاعيّة في فترة الأعياد, ليفتتح شارعًا باسمه ولتزيينه بمناسبة عيد الميلاد المجيد, معلنًا عن بدء الفعاليات الميلاديّة بدعمٍ من رئيس بلديّة زحلة أسعد زغيب.
وبخطوةٍ مميّزةٍ جدا, عبّر كفوري لمحبيّه, عن امتنانه لهم وايمانه بهذه المنطقة وناسها, وتكفّل بزينة الميلاد في ظلّ هذه الظّروف الصّعبة التي تعصف بلبنان منذ سنواتٍ, لتعدّ هذه المبادرة لفتة مميّزة جدًا من كفوري التي تعطي الصورة الجميلة عن لبنان وعن أهالي زحلة تحديدًا
في حديثها للدّيار, تؤكّد مهندسة الديكور كريستينا توما, ومؤسّسة معرض Sur le pont بالتشارك مع زميلتها, أنّ العام الجاري في مدينة زحلة, يتميّز بكثرة معارضه, رغم الأزمة الماديّة الحادّة التي يعيشها أهالي المنطقة, على العلم أنّ زحلة سابقًا لم تكن تفتتح أكثر من معرضٍ أو معرضين في العام.
وتقول: معرضنا يشجّع كل المهن اليدويّة والحرفيّة, بالإضافة إلى المونة الزّحلاويّة. والموضوع لا يخلو من نشاطاتٍ ترفيهيّةٍ للأولاد. وبهذه الطّريقة, يجتمع الكبار والصّغار للاحتفال بالعيد المجيد, متأمّلةً أن يُكمل معرضنا نشاطه على مدار السّنة إن لم تكن هنالك أيّ عوائق مادّيّة.
وتُتابع: تشجيعًا لزحلة وناسها, ورغم أنّ الأرباح لا تُحتسب على قدر ما هي رمزيّة, يبقى الأهم في جُهدنا الجاهد إسعاد أطفال المنطقة. لقد بدأنا من الصفر, وبمباردةٍ فرديّةٍ لإنجاح هذا المعرض, جمعنا ما استطعنا من زينةٍ وبدأنا بصناعة الطّاولات وترتيب وتزيين المكان, بالتّعاون مع مساعدين آخرين ليحضّروا معنا باقي النشاطات والمأكولات كالمناقيش على الصّاج, الحلويات, غزل البنات, الشاي والقهوة والشوكولا السّاخنة. بالإضافة إلى الفواكه المجففة والرسم والنّحت والتلوين, والزّينة المعمولة من الصّوف.
يقع المعرض على الجسر تحديدًا مقابل نادي الأمومة في زحلة, منذ الصباح حتى المساء, دعمًا من صاحب المكان, مقابل أن ندفع زميلتي وأنا ايجار المحلّ.
وعن سؤال كيف استطاعت كريستينا بهذه الفترة الصّعبة أن تدخل في هذا التّحدّي وتفتتح هذا المعرض في وضعٍ سياسيّ أمنيّ اجتماعيّ صعب, أجابت: ليست المرّة الاولى التي أشارك فيها في معارضٍ ميلاديّةٍ, لكنّها المرة الاولى والتي بكل صراحةٍ أقولها, "ايدي على قلبي" لأنّ الدّولار يحلّق. لكنّ منطقتنا زحلة بحاجةٍ لهذا الدّعم, ولا نريد أن ينسى أطفالنا بهجة العيد كما يُقال في الإعلام, وما دام الموضوع لا يتحمّل خسارة ماديّة كبيرة, فلم لا نجرّب أن نخوض هذه المعركة معا؟!
وتُردف: على أيّ حال, الأغراض موجودة, وسبق وأن جرّبنا هذا المعرض في عيد البربارة ونجح, والحمد لله النّاس فرحت وتلقّينا ردود فعلٍ مُرضيةٍ عندما قمنا بعملٍ مشابهٍ ليلة عيد البربارة. هذا ما شجّعنا أن نخوض التّجربة من جديد. واليوم, بدأنا نلمس هذا النجاح, خصوصًا عندما نسمع ردود الفعل من النّاس, وحبهم وامتنانهم لما نفعله.
أمّا عن الحركة التّجاريّة, فلا يمكننا أن ننكر أنّ الناس لا تحرم نفسها من أمورٍ معيّنةٍ في العيد, لكن على حساب أمور أخرى. فمثلًا, هنالك إقبال على شراء المأكولات أكثر من الأغراض والألعاب والنشاطات علمًا أنّ الأغراض يبدأ سعرها بـ2 أو 3 دولار.
وختمت: على الرّغم من أنّ عمليّة البيع كانت صعبة علينا, لكنّ المهمّ هو العيد وبهجة العيد التي من مسؤوليتنا كشباب ألّا ننساها, وإن لم نشجع مدينتنا زحلة, فمن سيشجعها؟.