الرأي:
الدخول إلى جوانب مرهفة من عالم عازف التشيلو الكرواتي العالمي ستيفان هاوزر فرصة لا يُمكن أن تفوّت, فكان اللقاء في فندق "لو رويال"- ضبية للتطرّق إلى آخر النشاطات الفنيّة التي ينوي الانطلاق بها كجزء من جولة عالمية له, سيكون للعالم العربي, ولبنان تحديداً, حصة الأسد فيها.
يستهلّ هاوزر كلامه بالتغزّل بجمال لبنان, فالفندق المقيم فيه كان خير دليل سياحيّ في هذا البلد من بحره إلى جبله. هي صورة نريد للعالم أن يشهد لها, بعدما طغت المشاهد السياسيّة الفارغة على هذا البلد, وبعدما كان "لبنان... قطعة سما".
لا ينسى الفنان العالمي توجيه تحيّة خاصة إلى اللبناني "المضياف", ويقول: "هي زيارتي الأولى إلى لبنان. الناس هنا لطيفون للغاية. لقد صُدمت, أينما ذهبت ألتقي بأشخاص لطيفين ومنفتحين. إنهم مضيفون رائعون. يريدون أن يعرّفوك على كلّ شيء في البلد, ويسعون لأن تشعر بأنك جزء من العائلة". يتابع: "لقد تذوّقت الأطباق اللبنانية. إنها لذيذة جداً. أعرف الطعام اللبناني منذ سنوات, لأنني تناولته في كل مكان, فالمطاعم اللبنانية منتشرة حول العالم".
الموسيقى هي لغة الشعوب, وعازف التشيلو متمسّك بهذا الشعار, لكنّه مؤمن أيضاً بضرورة التقرّب من هذه الشعوب بطرق إنسانيّة بحتة. فزيارته إلى لبنان جاءت في أحلك وأصعب الظروف التي يمرّ بها هذا البلد, ومع ذلك يبتسم ويجيب: "نعم! أتيت إلى هنا لأجلب معي الحظّ السعيد".
الموسيقى العربية استوقفت هاوزر, فقرّر ترجمة هذا الانجذاب إليها من خلال أدائه أغنية "تملّي معاك" للنجم المصري عمرو دياب, مؤكّداً استعداده لبدء جولة فنية في العالم العربي, يكون لبنان جزءاً منها: "أحبّ الموسيقى والألحان العربية بشكل عام, إنّها مثالية لآلة التشيلو, ويمكنك سماع أكثر من آلة وتريّة في التوزيع؛ لذلك من الطبيعي جداً عزفها على التشيلو".
حصد هاوزر للمرة الثانية جائزة Special Award for an International Musician في حفل "موريكس دور", الذي حمل شعار "انهض يا لبنان", وهو يدعو الشعب اللبناني إلى البقاء قوياً والتمسّك بالأمل, مضيفاً "أتمنّى أن يتحسّن الوضع قريباً. نعم, سينهض لبنان, وأنا قدمت إلى هنا لأجلب معي الحظ", ويقول: "إنه لشرف كبير بالنسبة لي".
حقّق ألبوم هاوزر "Classic" المرتبة الأولى على مخطط "بيلبورد" للألبومات الكلاسيكية التقليدية, فأراد أن يستكمل خط "عازف التشيلو المتمرّد" من خلال إصداره ألبوم "The Player", من إنتاج Sony Music Masterworks. يتضمن الألبوم 12 معزوفة, تتصدّرها الموسيقى اللاتينية. "المقطوعات اللاتينية كانت أمراً مختلفاً, فالموسيقى تتمحور حول الشغف والقوّة والإيقاع, وتعكس شخصيتي القوية والحيوية" يقول هاوزر.
يتابع في مقابلة مع "النهار": "عندما كنت في فرقة "2CELLOS", جسّدت شخصية الموسيقي المجنون مثل ميك جاغر وفريدي ميركوري وألفيس, بينما ظهرتُ في مناسبات أخرى كشخص رومانسي للغاية, يعزف بإحساس عالٍ, وهذا يتناقض بشدة مع شخصية نجم الروك. أستطيع أن أتقمّص شخصية عازف الموسيقى الكلاسيكية أو اللاتينية, فقد تأثرت بالعديد من الموسيقيين والمجالات أثناء نشأتي".
يكشف العازف المرهف عن الهدف الأسمى بالنسبة له من الموسيقى التي يقدّمها: "أن أتمكّن كفنّان من تغيير حياة شخص ما, وأعيد له الأمل, فهذا أمر في غاية الأهمية. الموسيقى تشبه الدواء, ولا شيء في العالم كلّه فعّال وإيجابي أكثر من الموسيقى الجميلة". ويضيف: "أنا متأكد من أن الموسيقى تشفي من الأمراض أكثر من العلاجات الأخرى. أنا أؤمن بالمعجزات, والموسيقى معجزة كبيرة".
يؤكّد دعمه المطلق للنساء حول العالم: "أدعمهن وأعتزّ بهنّ. إنّهن مصدر إلهامي الأساسيّ. إنه حبّ متبادل بيني وبين النساء حول العالم. إنه أمر استثنائيّ, نشعر ببعضنا".
ماذا عن النشاطات الموسيقيّة المقبلة؟
"سأبدأ جولتي المنفردة الأولى. إنه أمر لا يُصدّق ورائع للغاية, لأنني سأقدّم عرضي الخاصّ الذي سيضمّ جميع أنواع الموسيقى برفقة 25 عازفاً على المسرح, وسيعرض كلّ جوانب شخصيّة هاوزر".
لدى هاوزر الكثير من الأفكار التي يشعر بحاجة ماسة لتنفيذها: "أفكّر دائماً بمشاريع جديدة. لا يتوقف عقلي أبداً عن العمل. أتمنّى لو أمتلك الوقت الكافي للقيام بكلّ ما أفكّر فيه. ولكن عليّ أن أكون صبوراً وأنتظر حتى يحين الوقت المناسب لمشاريع جديدة. يمكنني القيام بالكثير, وأستطيع العمل على 10 أغانٍ في يوم واحد, و10 ألبومات في أسبوع واحد".
يعترف: "إنه أمر مجنون, ولكن عليّ أن أتقدّم خطوة بخطوة, وهذا صعب بالنسبة إليّ, لأنه عليّ الانتظار. أعاني من مشكلة لا تُشبه ما يمرّ به الفنّانون عادة, لأنّهم يقومون بأعمال قليلة على مرّ السنين, بينما أنا قادر على إنجازها في يوم واحد. عليّ أن أنتظر وأصبر, لأنني أعزف جميع أنواع الموسيقى, وأمامي عدد لامتناهٍ من الإمكانات".