الرأي:
بدأت المدارس الرسمية تسجيل الطلاب, فتحت الأبواب لهذه الغاية, غير أنّ انطلاقة العام ما زالت معلّقة بالدعم وبدل النقل, الذي لم يصل إلى حسابات الأساتذة والمعلمين حتى اليوم, وهو أمر يعتبره الأساتذة مماطلة لن تؤدي إلّا إلى تأخير انطلاقة العام الدراسي حتى اشعار آخر, رغم اعلان وزارة التربية ان العام الدراسي في موعده. معركة الاساتذة مع الوزارة "طالعة براس" الفقراء فقط, فالاساتذة انفسهم ابناؤهم مسجلون في المدارس الخاصة, والاغنياء ايضاً, اما الفقراء وابناء المياومين الذين يتقاضون دون الحد الادنى للاجور, وحدهم من يسجل ابناءه في المدرسة الرسمية, التي باتت للفقراء والمعدمين في لبنان.
على المحك, يقف العام الدراسي اذاً, فاولاد الفقراء مصير دراستهم معلق بقرارات الاساتذة ورغبة المتعاقدين الالتحاق بالتعليم من عدمه, فهؤلاء يربطون عودتهم بدفع بدل النقل, والطلاب الفقراء مصير دراستهم متوقف على سكة النقل.
عشرات المدارس الرسمية مصيرها مجهول, فالمدرسة الرسمية التي بدأت تنافس المدارس الخاصة في النبطية منذ سنوات, وتحقق نجاحات لافتة في الامتحانات الرسمية, تبدو اليوم عاجزة حتى عن شراء الاوراق, فكيف بباقي المستلزمات الضرورية ومن بينها المازوت الذي بات عالدولار, هذا عدا عن ارتفاع الكلفة الانتاجية للمدرسة, فكيف ستصمد دون دعم؟ وهل سيكون الطالب الفقير كبش المحرقة؟ لا تتردد احدى المديرات بالقول "مصير المدرسة مرتبط بحجم الدعم لها وللاساتذة, دون ان تنكر الحاجة الملحة للتعليم الذي خسر الكثير بسبب جائحة كورونا والتعليم أون لاين.
معوقات كثيرة تقف امام المدرسة الرسمية اليوم, التي تخشى مصادر متابعة ان تلحق بمصير الجامعة, والمستفيد الاكبر هو المدارس الخاصة التي تحولت "جلاداً" للاهل اليوم, والخاسر الاكبر الفقير".
يخشى ابو حسن وهو اب لثلاثة اولاد ان يبقى اولاده من دون دراسة هذا العام, يحلم بيوم عودتهم الى مقاعد الدراسة, فنجله حسن "يطمح ان يصبح طبيب قلب في المستقبل ليداويني ويداوي كل المرضى, ما اخافه ان يتعطل التدريس بسبب الاضرابات التي تلوح في الافق". وابو حسن عامل نظافة في احدى البلديات يتقاضى مليونين ونصف المليون ليرة شهرياً, وهو راتب لا يؤهله لتسجيل اولاده في مدرسة خاصة وتوفير اجرة النقل التي تحتاج الى راتبين شهرياً, "وهذا خارج امكاناتي".
ليس ابو حسن وحده من يقلق على مصير اولاده فايضاً ابراهيم الذي لم يتمكن من تسجيل اولاده في مدرسة خاصة, لانها بحسب قوله "للاغنياء, والفقراء عليهم بالمدرسة الرسمية", وما يزعج ابراهيم ان الدولة بسياستها الاقتصادية جعلت الفقراء على الهامش, عاجين عن تعليم اولادهم وتامين الدواء لهم, حتى القرطاسية مش قادرين نشتريها, هذا كفر" يقول ابراهيم الذي يدعو وزير التربية وحتى الاساتذة للرأفة بالطلاب, ولتكن معركتهم بعيدا عن الفقراء وليس على حسابهم.
على ما يبدو, ان مؤشر العودة ال المدرسة ما زال غير واضح, فقط المدارس التي تحظى بدعم الجمعيات ويلتحق فيها النازح السوري, تتوفر فيها كل الامكانيات, وحتى الاستاذ يحظى براتب بالدولار الفريش, وكأن الدولة وبطريقة غير مباشرة تدعو لدمج النازح مع اللبناني في التعليم الصباحي, لتوفير الدعم للاساتذة, وهو امر يرفضه اكثر الاساتذة ورابطة التعليم الرسمي واعلنته صراحة في عدة اعتصامات, والاخطر كما تقول فاطمة وهي معلمة في احدى المدارس الرسمية, ان يقرن دعمهم في المدرسة بدمج النازح, ما يعني ان هناك خطة مجهولة وخطيرة, والاخطر ان يصبح الدعم مرتبطا بالنازح وبدونه لا دعم, ما يعني ضرب المدرسة الرسمية, التي قد تصاب بنكسة كبرى ان لم يتم تدارك الامر.
هي معركة كسر عظم اذا تخوضها المدارس مع الوزارة والتي تدور رحاها على حساب الطالب الفقير الذي يعجز عن شراء قلم ودفتر فكيف سيتمكن من التسجيل في الخاصة, وكأن الوزارة تدعو للتسرب من المدرسة وقتل حلمه, فهل تتلقف الوزارة الامر وتدعم الفقير ولو لمرة واحدة فقط.
المصدر:mtv