الرأي:
حرّك قرار مجلس القضاء الأعلى تعيين قاضٍ رديف للمحقق العدلي القاضي طارق بيطار مع إصراره على ضرورة إقرار التشكيلات القضائية, الماء الراكدة في ملف تحقيقات انفجار المرفأ. ولعلّ أكثر المستفيدين من هذا القرار موقوفو المرفأ, الذي لا ينفكّ أهاليهم يطالبون بإخلاء سبيلهم, ومن خلفهم "التيار الوطنيّ الحرّ" الذي يُمارس ضغوطاً لتحقيق هذا المطلب, فيُسجّل تحت خانة الإنجاز القضائي قبل انتهاء عهد الرئيس ميشال عون.
وحدها العدالة ستُنصف أهالي شهداء وجرحى انفجار المرفأ والموقوفين على حدّ سواء. لكنّ التحقيق المعلّق منذ 9 أشهر بعد كفّ يد القاضي طارق بيطار, ضاعف مظلومية الموقوفين بعد سنتين ونصف السنة على توقيفهم.
فالتوقيف الاحتياطي, تدبير موقت واستثنائي لحين بلورة صورة التحقيق وهو يهدف إلى منع هروب المدعى عليه أو تبديل معالم الجرم وليس عقوبة, لا بل ليس بالأصل سلفة على العقوبة. ويحق للمدعى عليه الذي يكون بريئاً حتى تثبت إدانته وتلازمه قرينة البراءة حتى صدور حكم مبرم بحقه أن يمثل أمام قاضٍ ليطلب حريته منه ويتقدم بطلب إخلاء سبيله بصرف النظر عمّا سيصدر في نهاية التحقيقات.
يتجاوز ملف موقوفي المرفأ التجاذبات السياسيّة لكونه ملفاً إنسانيًّا, إذ أكّد الخبير الدستوري والأستاذ الجامعي د. عادل يمّين, في حديث لموقع mtv, أنّ "كفّ يد القاضي بيطار كونه المختص بالنظر في طلبات إخلاء السبيل والاستماع إلى المدعى عليهم يُخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والشرائع الدولية التي توجب أن يكون هناك قاض يُعرض عليه المدعى عليه فوراً للنظر بمسألة حريته".
وأضاف: "يقع على عاتق مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل إيجاد الآلية المناسبة وبالأولوية إمّا للبت في وضعية القاضي بيطار وإلّا استطراداً تأمين بديل ولو موقت للنظر في طلبات إخلاء السبيل".
وعند سؤاله "هل من مبرّر لخطوة مجلس القضاء الأعلى تعيين قاض رديف للمحقق العدلي؟", أشار إلى أنّ "الأولوية هي أن يُبت بمصير بيطار ولكن إذا استمرّت العقبات السياسيّة التي تمادت كثيراً وعطّلت دوره على مدى 9 أشهر فلا يجوز أن يبقى الموقوفون من دون قاضٍ ينظر في طلبات إخلاء سبيلهم", سائلاً: "ما ذنب الموقوفين إذا كانت العقبات سياسيّة؟".
لا يختلف اثنان على أنّ ملف التحقيقات في انفجار المرفأ ومنذ الدقيقة الأولى شهد شدّ حبال سياسيّة وأُغرق في دعاوى الردّ لكفّ يد القاضي, والهدف طمس الحقيقة في جريمة العصر.
وأظهر مسار التحقيقات في انفجار المرفأ وتمسّك من ادُّعي عليهم بمواد قانونية تحفظ حقوقهم وترفع يد القاضي بيطار عن الملف, فجوات في بعض المواد القانونية. واعتبر يميّن أنّ "هناك حلاً من اثنين إمّا تعديل القانون لتُحرّر يد القاضي بيطار لحين البتّ بطلب تنحيته بحيث لا يكون مجرد تقديم طلب تنحية القاضي سببًا لكف يده لحين البتّ بطلب التنحية, أو تأمين بديل للقاضي". موضحًا أنّ "قانون تنظيم القضاء العدلي يسمح للرئيس الأوّل لمحكمة التمييز أن يُعيّن قاضٍ بديل ووزير العدل عند الاقتضاء يُجري التعيينات اللازمة وهناك مواد قانونية تسمح بإيجاد هذا المخرج".
الأصيل والوكيل, رأسان لتحقيق واحد سيسحب فتيل ملف الموقوفين, إلّا أنّ مصير التحقيقات سيبقى مبهماً حتى وإن سُمع في الكواليس عن أسماء جديدة ستدخل السجن متورّطة في انفجار 4 آب.
المصدر: mtv