بات الملف الحكومي يذيل قائمة الاهتمامات الشاغلة في ساحة لبنان اليوم السياسية, بعد تقدُّم ملفات عدّة إلى الواجهة في الآونة الأخيرة, أبرزها التدقيق الجنائي, وترسيم الحدود وأخيراً وللمرة الأولى, السابقة القضائية التي شهدها لبنان نهاية الأسبوع الماضي؛ من دون نسيان الأزمة الاقتصادية الشرسة التي تفيد التحليلات بأن الحدّ الأدنى للأجور سيتخطى الـ20 مليون ليرة لبنانية إن ظلت الأمور على حالها مع تعذر توقع قيمة سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية.
الاتصالات المجمدة حكومياً والتي لم تتعد محاولة العمل على فكفكة العقد المتبقية, مع بقاء مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري, مبادرة يتيمة لم يتم تبنيها رسمياً بعد, نشطت قضائياً كما ولّدت ردوداً وبينات تعليقاً على "مسرحية عوكر" بجزئيها, التي بدأت يوم الجمعة واستكملت السبت, ولا أحد يعلم متى تنتهي, إذ يجتمع مجلس القضاء الأعلى استثنائياً, اليوم الإثنين, للبتّ بالقضية بعد استياء صريح ومعلن من تصرفات المدعي لجبل لبنان القاضية غادة عون, بالإضافة إلى التخوف مما قد يحصل لاحقاً أمام قصر عدل بيروت حين تتواجه تظاهرتين مضادتين, أولى داعمة وثانية مناهضة لـ"الغزوة القضائية" على شركة مكتف للصيرفة من قبل القاضية عون.
الأسلوب الاستعراضي خاطئ ولا يخدم القضية التي تتولاها القاضية عون, بمعزل عمّا اذا كانت محقة ام لا في الملف المصرفي الذي تلاحقه, بحسب رأي مرجع رسمي, الذي لفت في حديث لـ"الجمهورية", إلى "انّ القضاء الهوليوودي لا يؤدي إلى نتيجة".
وأكد قطب سياسي, لـ"الشرق الأوسط", أن "مسرحية عوكر" التي نفذتها القاضية عون في "غزوة قضائية" غير مسبوقة مدعومة مما يسمى بمجموعة "المتحدون", التي هي الوجه الآخر للتيار الوطني الحر, ما هي إلا نتاج لاستنكاف رئيس الجمهورية ميشال عون التوقيع على التشكيلات القضائية. وأشار إلى أن القاضية عون لم تتصرف بهذه الطريقة إلا بعد أن حصلت على ضوء أخضر يراد منه تلطيخ سمعة خصوم رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ثأراً لما أصابه.
وأوضحت مصادر قضائية لـ"نداء الوطن", أنّ "مجلس القضاء الأعلى يتجه إلى التصعيد والتصدي للحالة الشاذة التي خلّفت شرخاً فاضحاً في الجسم القضائي, انطلاقاً من أنّ النظام القضائي إما يكون نظاماً رصيناً مرصوصاً خلف تراتبيته المؤسساتية أو لا يكون". كما علمت "نداء الوطن", أنّ رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان بصدد توجيه دعوة إلى وزيرة العدل ماري كلود نجم ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود وسائر المعنيين إلى اجتماع مشترك خلال الأيام المقبلة, للبحث في ما آلت اليه الأمور على مستوى السلطة القضائية.
على المقلب الآخر, أعلن مدير شركة مكتف للصيرفة, ميشال مكتف, أنه يتجه للادعاء على عون أمام القضاء الجزائي, متهماً في حديث لـ"نداء الوطن", القاضية عون بمحاولة توجيه ضربة إعلامية له نظراً لـ"تبعيتها السياسية".
في ظلّ هذه "الدراما القضائية", يبقى التعنت سيد الموقف حكومياً, إذ قالت مصادر مطلعة لـ"اللواء", أنه يصعب ضرب موعد يتصل بعودة أي اتصالات مفيدة حول الملف الحكومي والمقصود بذلك أي اتصالات داخلي.
في حين, تساءلت مصادر بعبدا, في حديث لـ"اللواء", "عن القطبة المخفية الحقيقية العميقة التي تمنع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري من معاودة المحاولات, إلّا اذا اراد فقط إطلاق يده في التشكيل".
وتتجّه الأنظار الى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقرّر اليوم الإثنين, في بروكسل, لمعرفة ما إذا الاتحاد سيلجأ إلى تنفيذ تهديده بإعلان العقوبات على المسؤولين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة.
وعلمت الجمهورية, انّ هذا الاجتماع سيتناول ايضاً ملف لبنان, وما حال دون انجاز الاستحقاق الحكومي, وفقاً لما قالت المبادرة الفرنسية لجهة تشكيل حكومة مستقلة وحيادية تتولّى استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تمهيداً لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.