أَنْ يُوصَدَ بابُ مَجْلسِ القَضَاءِ الأعلى بِوَجهِ نادي قُضاةِ لبنان مَرّةً قَدْ يَكُونُ سَهْواً, وَأَنْ يُوصَدَ مَرّتَينَ قَد يَكونُ تَجَاهُلا", أَمّا وَأَنْ يُوصَدَ ثَلاثَ مَرّاتٍ فثباتُ الثَّالِثةِ يَكُونُ تَجْسِيدا" لِثَبَاتِ عَقْلِ إدارةٍ قَضَائيةٍ - تَوسّمنَا بها خيرا" - عَلى عَدَمِ الإِستعْدادِ لِسماعِ الرأيِ المُخَالفِ وَعَلَى إِنْكارِ واقعٍ مُزْرٍ لا تريدُ مُواجَهتَه.
إنّ هَذَا الوَاقِع الراهن لاستشراءِ الفسادِ في البلادِ لم يَعُدْ يَنْفعُ مَعَهُ كَلَامٌ ومُنَاشَدَاتٌ بَلْ حَانَ مَعَهُ مَوْعِدُ تَحْمِيلِ المَسْؤوليّات, فَفشَلُ القَضَاءِ في مُكَافَحةِ الفَسَادِ لا يَتحمّلُ وِزْرَهُ كلّ القضاة بل القِلّةُ القليلةُ منهم مِمَّن أَناطَ بِهم القانونُ حَصْرا" القيامَ بهذه المهمّة, فَكَرامةُ هؤلاءِ القُضَاةِ لا يُمْكنُ أن تَكُونَ مَشَاعا" لتلكَ القِلّةِ التي تَسْتَنْكفُ عن القيامِ بِعَمَلِها والتي تَجْعَلُ من كل قاضٍ في الجمهوريةِ عُرْضَةً للسُّبَابِ اليومي لِأَسبابٍ لا يَمْلكُ أن يُغَيّرَ بها شيئا".
إِنّ رَئيسَ مَجِلسِ القضاءِ الأَعلى القاضي سهيل عبود والنّائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد والمدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم ورئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران والمدعي العام في ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس مَدْعُوونَ للإجتماعِ اليومَ قبلَ الغدِ لِتَنْسِيقِ عَمَلِهِم كُلٌّ حَسْبَ صَلَاحِيّتِه سَوَاءَ في مُكَافَحَةِ الفَسَادِ أو في مُخَاطَبةِ المواطِنِينَ بِالمُباشَرِ دونَ وَسَائطَ بُغيةَ إِِطْلاعِهِم على مَسَارِ هَذَا العَمَل, لأنَّ لا أَحَدَ غَيْرهُم يَسْتَطيعُ ذَلِك, وفي حَالِ تَعَذَّرَ القيامُ بِهَذا فَهُم مَدْعوونَ للانضمامِ إِلى صُفوفِ الناسِ تَاركِينَ المَنَاصِبَ التي لَم تُمَكّنُهُم مِن ذَلك.
بلدٌ تَسْعَى نُخَبُهُ من قُضَاةٍ ومُحَامِينَ ومُهَنْدِسِينَ وأَطِباءَ وأَهْلِ فِكْرٍ وعِلْمٍ للهِجْرة, هُو بلدٌ في الهَاويةِ وَيَتَحَضّرُ لِلَحْظَةِ الإِرْتِطام, فَلنَعْمَلْ عَلَى أنْ لا يَكونَ ارتطاما" مُدمّرا", إذا لَمْ يَتَكَلّم أهلُ الحقِ الآنَ فَمَتَى يَتَكَلّمُون وَإِذا لم يَثُورُوا اليومَ فَمَتَى يَثُورُون, بَلَدُنا وشَعْبُنا في أَعْناقِكُم وتلكَ مسؤوليةٌ عَلَيْكُم تَحَمُّلها, وإِِن خِفْتُم ألّا يَذكُرُكُم التّاريخُ كأبطالٍ مُنْقِذِينَ فَانْضَمّوا للناسِ بَعِيدا" عنِ المَنَاصِبِ تَأمَنُونَ حُكْمَهُم وحُكْمَ التاريخ.